آه يا فلسطين، لم يبق من جسمي شريان لم يثر، لم يبق من قلبي وريد لم يتحرك، لم يبق نهاري وضاء أو ليلي سكناً، لم يبق نومي راحة وطعامي متعة، لم يبق من ابتسامتي شيء، لم يبق من كلماتي حروف أبديها، لم يبق من عيوني دموع أخفيها، لم يبق تفكيري مستقراً، ولم يبق عيشي هانئاً، ولم تبق أيامي سعيدة، ولم تبق آمالي عالية.
آه يا فلسطين تحطم كل شيء، وتهدّم كل ركن، ونزفت كل الجراح، وانهمرت كل الدموع.
آه يا فلسطين احتل عقلي، وقلبي ومشاعري وتفكيري، لم يبق لي شيء حراً، لماذا؟ لأنك محتلة يا فلسطين. وكلما احتل العدو شبراً منك احتل الحزن والهم والقلق والكبت واليأس ذراعاً من قلبي وعقلي.
آه يا فلسطين كم مرة قُتلت، وكم مرة عُذبت، وكم مرة بكيت، وكم مرة تألمت، وكم مرة شردت، وكم مرة سُجنت، في كل مرة يُقتل منك طفل أو شاب أو كهل أو امرأة أو رجل، أُقتل مثله في داخلي،وفي كل مرة يعذّب منك شخص أعذّب مثله في داخلي، وفي كل مرة يبكي منك طفل أو امرأة ثكلى يبكي مثله قلبي.
آه يا فلسطين أدري أنك تتألمين، أدري أنك تتعذبين، أدري أنك تصرخين، أدري أنك تجوعين، أدري أنك مظلومة، أدري أنك مقهورة، أدري أنك محصورة، أدري أنك مأسورة، أدري أنك محرومة، أدري أنك مهمولة.
آه يا فلسطين، ولكن هل تدرين أني مقيد، أني مكتف، أني مسلوب، ولكن ليس بالدبابات أو بالجرافات أو بالجنود أو بالطائرات مثلك.. ولكن بشيء آخر!!
آه يا فلسطين أعذريني، ثم أعذريني، ثم أعذريني.
آه يا فلسطين، لك الله يا رباط الأنبياء، واصبري وتحمّلي، فلن يدوم الظلم، ولن يدوم الاحتلال.. لا بد من يوم تشرق فيه شمس الحرية والنصر.
أبو نعيم |