قال أحد العلماء يوصي ولده: «... غض عن الفكاهات من المضاحك والحكايات، ولا تحدث أحدا اعجابك بولدك، «وزوجك»، ولا اعجابك بسيفك ولا فرسك، واياك وأحاديث الرؤيا، فانها تطمع فيك السفهاء فيولدوا لك الاحلام، ويفسدوا في عقلك، ولا تلبس من الثياب مشهورا، ولا تتخذ من الدواب مبطورا، ولا تتصنع تصنع المرأة، ولا تتبذل تبذلك العبد، ولا تلح في الحاجات، ولا تخضع في الطلبات، واياك ان تعلم أهلك وولدك كثرة مالك او قلته، فانهم ان علموا قلته هنت عليهم، وان علموا كثرته لم تبلغ رضاهم.
يا بني أخف اهلك وولدك في غير عنف، وارفق بهم في غير ضعف، ولا تُرِ «زوجك» حب الافراط فتتجبر عليك، ولا ترها بغضا فتنفر منك، وأحبب ولدك وأحسن أدبه، ولا تهازل امتك ولا عبدك.
يا بني اذا خاصمت فدع الحدة، وفكر في الحجة، واصبر لمن خصمك، ولا تغضب فتذهل عن حجتك، وأر الحاكم بينكما حلمك، ولا تكثر الاشارة بيدك.. وأقلل الكلام على الطعام، الا بالحمد لله، كذلك عند الخلاء.
يا بني اتق الله يكفك ما تخافه وتتقيه، واحذر ان تعصيه فانه ليس لك من ورائه وزر، ولا من دونه معتصم، واياك والفجور بحرم الناس، فانه ما انتهك امرؤ حرمة الا ابتلي في حرمه بمثله(1).
قلت: ولئن انطوت هذه الوصية على معان سابقة ليدلن الامر على أهميتها، وانها قد تصلح لزماننا بما يوافقها من الأشباه والنظائر، فهي ذات سعة في فوائدها ومعانيها، بل هي صادقة في مضمونها، تفيض بمشاعر الأبوة والاخلاص فما احرى الناس بالافادة منها.
الحواشي:
(1) أسرة التحرير، «من لطائف المعارف: وصية عالم لابنه»، مجلة التوعية الاسلامية»، ع 206، س 19 «ذو الحجة 1413ه» ص ص 41 42.
|