تمر عليك أحياناً لحظات جميلة وأيام حلوة لا يعادلها أيام قبلها او بعدها، بل انها ايام ولحظات تشعر بأنها مقصورة عليك انت فقط ولا احد يستمتع بها غيرك كهذا اليوم الذي نحن فيه الآن مثلاً، بل انك احياناً ومن فرط سعادتك بهذا اليوم تشعر بأن هذا اليوم هو يوم ميلادك الحقيقي، وهو من يجب ان يُوثق سعادتك لانك تريد ان تعود الى هذا التوثيق من حين إلى آخر كي تعيش لحظاته الحلوة وتشعر انك انسان، انسان بكل ما تحمله الانسانية من معنى. والسؤال الذي ربما راودك وانت في لحظات السعادة هذه هو: ترى هل بالضرورة ان يكون هذا اليوم السعيد في حياتك هو يومك انت بالذات؟ اقصد الا يكفي ان يكون هذا اليوم الجميل او تلك المناسبة الحلوة خاصة بشخص آخر يهمك امره ويعني لك شيئاً كبيراً؟.
انك احياناً حينما تفكر بنفسك وبسعادتك انت شخصياً تشعر بأن تلك السعادة منقوصة. وتحتاج الى من يكمل جزءها الآخر والى من يعطيها وهجها، والى من يديمها لك بعد ارادة الله عز وجل، وهذا هو معنى التضحية في السعادة التي تشعر بها، وهذا هو المعنى الآخر للحب وهو المشاركة الحقيقية في كل شيء مع من نحب مهما كان لدينا من تحفظات.
اننا حينما ننظر الى هذا اليوم الذي نعيشه كيومنا هذا الذي نعيشه الآن انا وانت سوف لا نفكر فيه سوى على انه يوم عادي يمر كأي يوم آخر وينقضي ويأتي بعده يوم آخر وهكذا هي الحياة.
ولكن حينما نشعر بحق ان هذا اليوم مختلف جداً في كل شيء، مختلف في معناه، فيما يرمز اليه وفي الاشياء التي يحتويها حينئذ سوف نعيد التفكير مرة اخرى فيه، سوف ننظر اليه من زاوية ان لم تكن زوايا مختلفة كل منها اجمل من الاخرى لان كل لحظة من لحظات هذا اليوم انما هي مناسبة خاصة جداً وغالية تستحق احتفالاً خاصاً بها ويليق بمكانتها لدينا بل ومكانة من اوجد هذا التميز فيها.
ربما تتساءل ومعك حق. ولكن ما المقصود بهذا اليوم وما الذي يجعله بهذه الاهمية؟
ان الاجابة على هذا التساؤل سوف تفهمها حينما تعرف مواطن الجمال في هذا اليوم، سوف تعرفها حينما تجلس مع نفسك وتتلفت من حولك وتنظر في كل ما لديك و تحاول ان تتذكر ماذا يعني لك كل ذلك.
بل حينما تغمض عينيك وترحل بعيداً بعيداً وتحاول ان تسترجع كل شيء يذكرك بهذا اليوم الجميل وبهذه اللحظات الرائعة التي تعيشها الآن.
حينما تعرف مكانتك بحق في قلوب من يحبونك بصدق ويخافون عليك ويسألون عنك وعلى استعداد ان يضحوا من اجلك بكل شيء في سبيل ان يروك مبتسماً سعيداً وقريباً منهم ان لم تكن معهم ولهم.
نعم قد تكون غيرة وانانية منهم في ان يريدوك لهم فقط ولكن حينما تدرك انه الحب الصادق لك هو ما دفعهم لذلك حينئذ، سوف تحبهم اكثر وتبتسم من داخلك وتدرك كم انت محظوظ بأناس صادقين واوفياء ومخلصين امثال هؤلاء. ان احتفالك بيوم كهذا لابد ان يكون عرفان جميل او رد شكر لاولئك الذين ما زالت قلوبهم كبيرة تتسع لحب العالم ولاولئك الذين ما زالت اياديهم مفتوحة للخير وممدودة لتقديم المساعدة ولاولئك الذين ما زالت ارواحهم حلوة وانفاسهم عذبة يدخلون قلبك دون استئذان منك.
هذا اليوم رغم جماله وروعته وبحكم ما يميّزه ويعنيه بالنسبة لنا لا بد ان يستمر باذن الله الى غدٍ وما بعد غدٍ. لا بد ان نستقبله مع بداية كل يوم حيث نسيم الصباح الذي يدغدغ وجنتينا وحيث زغزغة العصافير وحيث تفتح الزهور، ولابد ان نستودعه مع نهاية كل يوم حينما نخلد الى الراحة وحينما تكون احلامنا وردية على امل انتظار الغد المشرق بكل ما يحمله من تفاؤل وطموح وآمال.
هذا اليوم لا ينبغي ان ننساه لان له نهاية بل لابد ان تكون تلك النهاية مفتوحة ليس لها وقت محدد كي لا نشعر بقرب وقت يداهمنا ويفسد علينا متعتنا ونحن نعيش تلك الاجواء الرائعة التي تتكرر معنا باستمرار وفي كل وقت ومع كل انسان.
ولا بد ان نتذكر بان الانسان منا هو بطريقة تفكيره وباسلوب نظرته للحياة وبكيفية تعامله مع الآخرين، كل تلك الامور هي التي تحدد مقدار سعادتنا ورضانا عن انفسنا.
لا احد يعطينا السعادة والاحترام والتقدير سوى نحن، نحن من نفرضها ونوجدها بتفكيرنا الراقي واسلوبنا الواعي وتعاملنا المميز.
الناس لا تعطينا الا ما نعطيها اياهم والسعادة لا تكون نابعة الا منا نحن، فليكن هذا اليوم بداية انطلاقة حقيقية نحو السعادة والابتسامة. فما رأيك هل نحتفل بهذا اليوم اقصد بغد ايضا وما بعد غد؟ بل بكل يوم في حياتنا؟ ألاَّ يكفي اننا مع بعضنا ثم لِمَ لا احتفل بيوم رائع كهذا؟! أليس هو يومي ايضاً؟ ام انك تريد ان تستأثر به بمفردك؟
همسة
اليوم بالذات
دون سائر الأيام
سوف اعتبره يوماً مميزاً
لانه يعنيك أنت
دون غيرك من البشر
* * *
سوف اعتبره مولداً جديداً
ليس لك فحسب..
بل لي أنا أيضاً..
لأنني أرى سعادتي في سعادتك..
وأرى نفسي فيك..
وأرى أنه يمثلني
* * *
اليوم بالذات..
سوف احتفل به..
وكأنه لي ايضاً..
سوف اقول لك فيه..
كل كلمات الحب..
وكل عبارات الثناء..
وسوف انظر اليك من خلاله..
نظرة الود والاعجاب..
وسوف تفهم كل ذلك..
من عيني..
سوف احتفل به
وكأنه المناسبة الحلوة..
والوحيدة في حياتي..
سوف اعيشه..
كما لم اعشه من قبل..
وسوف اتذوقه
كما لو كنت استطعمه الآن..
* * *
سوف اقبل عليه..
كما لو كنت أراه..
أول مرة.
ومنذ زمن..
بعد طول فراق..
وبعد رحلة طويلة..
اضناها الشوق والحنين..
* * *
سوف افعل فيه..
كل ما استطيع..
من عمل مشروع..
وما لا استطيع..
وكل ما تتوقعه..
وما لا تتوقعه..
لانه في نظري..
يوم مختلف..
يوم ولا كل الايام..
* * *
سوف استمتع به..
حتى آخر لحظة فيه..
حتى آخر قطرة منه..
لانه يعنيك انت..
وانت دون سواك..
ولانه يرمز اليك..
اليك انت ايها الحب..
* * *
سوف اقوم بذلك واكثر..
لانه المناسبة الحلوة
التي اعرفها..
واريد ان اعايشها معك..
ولانه اللحظة الجميلة..
التي لن أفوِّتُها عليّ..
مهما حدث ويحدث..
* * *
ربما تسأل الآن..
ما معنى هذا كله؟
ما الداعي لهذا كله؟
هل من مناسبة لهذا كله؟
ولِمَ اليوم؟
وما الفرق؟
* * *
ولكن دعني اسألك!
هل حينما احببتك
كان هناك مناسبة؟
* * *
ألا يكفي انني احتفل بك؟
في كل وقت؟
في كل يوم؟
في كل مناسبة؟
وغير مناسبة؟
* * *
ألا يكفي ان اقول لك..
كل يوم جميل كهذا..
وانت بخير؟
وكل مناسبة رائعة كهذه..
وانت غالٍ؟
|