حاول شارون عزل عرفات عن العالم، لكن الوضع انقلب عليه وأصبح هو المعزول، فالكل الآن يتطلع إلى لقاء عرفات، كما أن مكانة الرئيس الفلسطيني تعززت لدى شعبه، فهو يؤكد الصمود الفلسطيني باختياره الشهادة على الاستسلام.كل العالم يطالب شارون الآن بتنفيذ قرار مجلس الأمن الأخير رقم 1402 الذي يدعو إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من رام الله والبلدان الفلسطينية الأخرى التي احتلتها مؤخراً ، فيما مثلت الممارسات الوحشية لجيش الاحتلال مادة للصحافة العالمية التي كثفت من وجودها في الأراضي المحتلة، في الوقت الذي هيأ لها فيه شارون فرصة لنقل ما يحدث عبر سياسات القمع التي يتبعها جنوده ويغذيها هو وسط غلاة المتطرفين اليهود والمستوطنين.لقد ازداد التعاطف الدولي مع عرفات بسبب محاولات إسرائيل الرامية إلى عزله وحصاره، بل وربما التدبير لقتله، فالعالم يعرف نهج الاعتدال الذي يتبعه عرفات، كما أن العالم بات أكثر إدراكا للدوافع التي تحمل الشبان الفلسطينيين إلى الاستشهاد، وخصوصاً بعد رؤية المجازر الإسرائيلية وقيام الإسرائيليين بقتل الفلسطينيين بدم بارد مثلما حدث مع العسكريين الخمسة في رام الله وثلاثين من الشبان الفلسطينيين الذين ذبحهم الاحتلال بعد اعتقالهم في ذات المدينة.إذن فعزلة عرفات هي بعض من أحلام شارون، ومن الواضح أن شارون هو الذي يتردى في غياهب العزلة وخصوصاً بين الإسرائيليين الذين اعتقدوا أن هذا الإرهابي العتيد يمكن أن يجلب لهم الأمن بفظاعته وشراسته ولا إنسانيته ، لكنهم لم يعرفوا الأمن ولا السلام معه، بل إنهم باتوا نهباً للمخاوف من الأعمال الانتقامية الفلسطينية.وهم إزاء ذلك ينفرون من شارون الذي استنفد كل ما في جعبته من وسائل قمعية ليفشل في النهاية في تحقيق الأمن والسلام اعتماداً على سياساته الدموية.وفي المقابل يزداد الالتفاف الفلسطيني ، ومن كل ألوان الطيف السياسي حول عرفات، باعتباره رمزاً لنضال تزداد جذوته توهجاً كلما اعتقد شارون بأنه يستطيع إسكاته بضرباته الوحشية.
|