الميتون سريرياً .. هل يرون أو يسمعون ؟

* الجزيرة الترجمة:
لقد أثار موضوع وعي الانسان اثناء الموت السريري أو الغيبوبة اهتمام الكثير من الاطباء والعلماء العاملين في الحقل الطبي. فالبعض منهم يعتقد أن كل ما يرويه هؤلاء المرضى للذكريات التي يمرون بها خلال فترة الغيبوبة هي مجرد هلوسات ضمن زاوية اللاوعي، أما البعض الآخر فيؤمن بأن كل ما يقولونه صحيح ويجب أن يؤخذ بعين الاعتبار. والشواهد على هاتين الحاليتين كثيرة.
فقد ذكرت احدى الممرضات في مستشفى في واشنطن انه احضر رجل في الرابعة والاربعين من عمره إلى المستشفى وهو في حالة غيبوبة ونبضة متوقف بعد تعرضه لحادث خطير.
وقد باشر الاطباء على الفور اجراء الاسعافات اللازمة لانقاذ حياته مثل عملية التنفس الاصطناعي وتدليك عضلة القلب، واثناء ذلك حاولت الممرضة ادخال انبوب في فم المريض لكنها وجدت أن الرجل يستخدم طقم اسنان اصطناعي فقامت بنزعه ومن ثم ادخلت الانبوب.
وبعد اسبوع من هذه الحادثة رأت الممرضة الرجل وكم ادهشها انه استطاع ان يروي لها حادثة الانبوب وتفاصيل اخرى حصلت معه على سرير المستشفى يوم الحادث مما اثار دهشة الفريق الطبي. وكان ما قاله الرجل سبقاً صحفياً في الصحف الشعبية وقامت احدى المجلات الطبية البريطانية بتأكيد الحادثة ونشرها في احد اعدادها.
تعتبر هولندا من الدول الرائدة في مجال البحث العلمي المتعلق بالوعي الانساني اثناء الموت السرير، وتعتبر الدراسات التي تجريها من اهم «الدراسات العلمية المنظورة» التي تعنى بهذا المجال، وقد تم مؤخرا اجراء دراسة مستفيضة تعتبر فريدة من نوعها لانها اتبعت منهجا علميا اعتمد على الاستمرار بمقابلات الاشخاص الذين تعرضوا لحالات موت سرير بعد حصول الحادثة بسنوات عديدة وذلك للتأكد من صحة اقوالهم.
وقد افادت نتائج الدراسة أن حوالي 18% ممن شملتهم العينة استطاعوا ان يتذكروا بعض اللقطات القصيرة التي كانوا قد مروا بها. وان من (8 إلى 12%) قالوا انهم يتذكرون انهم كانوا يسيرون في نفق طويل في نهايته نور وانهم تكلموا مع اصدقاء او اقارب لهم ميتون. وبناء على هذه النتائج اخذ الباحثون يعيدون النظر بكل هذه النظريات التي تعتبر من اكثر المواضيع غموضا في العالم الطبي وجعلتهم يركزون على «طبيعة الوعي الانساني».
ويقول طبيب القلب المشهور Pim Van Lonel في مستشفى Rijinstateفي هولندا ورئيس البحث العلمي ان العلماء والباحثين في مجال الوعي الانساني يجب أن يركوزا اهتمامهم فقط على الخلايا والجزئيات وحدها.
وفي مقال مرافق ومتمم لهذه الدراسة ذكر Christopher مدير وحدة البحث العلمي والتحليل النفسي في كلية Goldsmith البريطانية أن بعض الاشخاص ممن شملتهم الدراسة، قالوا في اول المقابلات انهم لم يروا اي شيء خلال فترة الغيبوبة وعادوا وقالوا في مقابلات لاحقة انهم يتذكرون انهم فعلا شاهدوا مثل هذه الامور والبعض الآخر الذي قال انه مر بهذه التجارب عاد ثانية لينفيها، ولهذا فقد صرح الدكتور Christopher French ان جميع هذه النتائج تقودنا للاعتقاد بوجد ذكريات مزيفة وغير صحيحة لدى الجميع.
وقد قام فريق البحث الهولندي بتتبع (344) حالة لمرضى تم انقاذ حياتهم بعد تعرضهم لغيبوبة، ثلاثة ارباعهم من الرجال الذين تتراوح اعمارهم ما بين (26 إلى 92) سنة. وتمت مقابلة هؤلاء الاشخاص بعد خمسة ايام من استعادتهم للوعي واستمرت المقابلات لمدة ثماني سنوات متتالية وذلك لاختبار مصداقية كلامهم.