Tuesday 2nd April,200210778العددالثلاثاء 19 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

لما هو آت لما هو آت
يا صمد يا أحد
د. خيرية إبراهيم السقاف

ماذا وهذا الهدر البشري، ليس على مستوى الأجساد تلك التي تغادرها غدراً وظلماً أرواحها إلى حيث بارئها، ولا على مستوى الدمار لكلِِّ مسكن ومأوى، ولا على مستوى نهب الأرزاق، واجتراح حدود الإنسان مع الآخر... بل تخطَّى إلى مستوى الأخلاق، وأدب الجوار، وأدب الحوار، وأدب العلاقات الإنسانية في كافة جوانبها، وعلى خطوط كلِّ أنظمتها...، وبدا واضحاً جليّاً تجبُّر وتكبُّر الإنسان على الآخر، ونزع خيوط الحق من حلقه، ومسامه، بمثل ما تنزع عن حدوده الأرضية، في حيِّزه المكاني... ولم يعد في «المنطق» المنفِّذ والناطق والصارخ إلاَّ منطق «القوة» المادية... ومهابة الآلة، ومهابة البارود، ودكَّ الأرض وسحق الأجساد، وفرار الأرواح.. كلُّ ذلك تختبىء من خلفه ألفٌ، ومليون، وأكثر من التساؤلات: لماذا يحدث ذلك في وضح الشمس؟ وكيف أصبح مصير الحقِّ في أيدي من لا حقَّ له؟...
اليوم فلسطين في ذمَّة كلِّ ذي ضمير يخشى اللَّه تعالى ما عاش، كي يواجهه بما يرضيه..
ولم تعد لأنظمة القويِّ الأوَّل أيَّة مصداقية.. وهذا السفور المعلن الجامح لجريمة انتهاك الحقِّ يمارس في فلسطين...
لماذا، وكيف، وأين، ومتى، وإلى متى...
وتتهاطل الدموع ثمَّ ما تلبث أن تجف فجأةً بحرقة نار الغضب والقهر والحقد على «دنيا» تبدّلت فيها موازين القوة...
والقوة للِّه وحده...
وهو القوي فوق كلِّ قوي...
وهو القاهر فوق كلِّ قاهر...
وهو صاحب الأمر من قبل ومن بعد...
ولعلها «امتحانات» متتالية لأجر أعظم، ولخاتمة أنصع، ولحقٍّ يُعاد بقوة اللَّه وليس بقوة الدمع، أو الكلام اللذين هما وسيلة العرب والمسلمين...
هذه فلسطين كتلة لهيب، وحطبها شبابها وشيبها، أطفالها، وبيوتها، وحتى قطرات الماء تبخّرت فجيعة الحرقة، ومكابدة الإحساس بالظلم والقهر...
من يشاهد ما يحدث في فلسطين ولا تعتريه نخوة الإحساس بإيمانه؟ وبدمه، وبعروبته؟ ولا يتحرك؟...
من يشاهد ما يحدث وتبقى لديه رغبة في مشاهدة الفضائيات؟ والجلوس إلى أفخر الموائد، وألذِّ الأطعمة، وارتداء أفخر الملابس؟ من يشاهد ما يحدث ويهنأ له بال فيضحك، ويتسلَّى، ويمارس حياته كما هو دائماً؟ من يشاهد ما يحدث ولا تتحرك فيه مشاعر الغضب، وتزلزله أحاسيس الفجيعة؟
من يشاهد ما يحدث ولاينهض بين يديَّ ربه يسأله النجاة النجاة لفلسطين وأهلها وأرضها وكلِّ بقعة ومسامَّة في أجساد أبنائها بل وهوائها؟...
اللَّه قوي فوق كلِّ قوي...
فاللَّهم انزل على الظالمين عقابك وشديد انتقامك...
اللَّهم انصر عبادك المسلمين الموحدين الصابرين..
اللَّهم انزل ملائكتك يحفظونهم، وجنودك يعزونهم، واحفظ القدس والأقصى ومساجد فلسطين، وأهلها صغاراً وكباراً وشباباً وأطفالاً وشيباً...
اللّهم انزل عليهم سكينتك وصبرك...، وألهمهم الثبات وعزهم وآزرهم وكن لهم فأنت الأبقى والأقدر، وأنت الملاذ والملجأ، وأنت الناصر القادر ولا أحد غيرك..
واللَّهم احقن دماءهم...
وارفع رايتهم...
وكن لهم يارب... كن لهم في أشد محنة تمرُّ بهم... وهم لايزالون في صمود الحقِّ.. وأنت الحقُّ فكن لهم الصمد يا أحد، عن كلِّ أحد..

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved