* رام الله محمد السعدي رويترز:
صرخت الصغيرة أنهار ذات العشرة اعوام فزعة عندما اقتحم الجنود الاسرائيليون منزلها وقلبوا أثاثه واعتقلوا شقيقها الأكبر عيسى.
وفي الاسفل كانت جثتا شابين فلسطينيين ملقيتين وسط بركة من الدم في بئر سلم هذا المبنى القديم.
وقال سكان محليون ان القناصة الاسرائيليين قتلوهما بالرصاص.
وأعلنت الحكومة الاسرائيلية يوم الجمعة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عدواً وارسلت دبابات إلى مقر قيادته في الضفة الغربية بعد سلسلة من الهجمات التي فجر فيها فلسطينيون انفسهم ضد الاسرائيليين في الانتفاضة التي بدأت بعد توقف محادثات السلام في سبتمبر ايلول 2000.
ومع تركيز العالم اهتمامه على حصار الجيش الإسرائيلي للرئيس الفلسطيني المحاصر في مجمعه داهم الجنود الاسرائيليون المنازل في مدينتي رام الله والبيرة متسببين في اضرارا فادحة في عملية بحث من منزل لمنزل عن نشطاء فلسطينيين.
وقالت ليلى الجديلي «40 عاما» أم أنهار وهي تقف وسط شقتها المؤلفة من حجرتي نوم وقد انكمش بجوارها اولادها الاربعة وهم أنهار وشقيقتان وشقيق لهن «لقد دخلوا المنزل شاهرين اسلحتهم ضدنا، فتشوا كل ركن في البيت، وفتحوا حتى الغسالة الآلية.
«لقد منعونا من الحركة من القيام بأي شيء، التليفون كان يرن ولكنهم لم يسمحوا لنا بالرد عليه»، اما شقيقهم الاكبر عيسى البالغ من العمر20 عاما فقد اخده الجنود الستة الذين داهموا المنزل بعد ان قيدوا يديه برباط بلاستيكي لينضم إلى 26 آخرين اعتقلوا خلال عمليات التفتيش من منزل إلى منزل.
واعتقل ايضا سبعة رجال شرطة فلسطينيين وتم اقتيادهم وهم مقيدو الايدى أمام عدسات التلفزيون.
وقال صحفيون انهم شاهدوا ناقلتي جنود مدرعتين تقفان عند ابواب متجر كبير وقام الجنود بأخذ صناديق من الداخل.
واقتحمت الدبابات والجرافات المدرعة الاسرائيلية مجمع عرفات وقطعت عنه الماء والكهرباء وخطوط التليفون.
واشتبكت قوات الجيش مع حرسه الشخصي ممازاد المخاوف على حياة عرفات.
وقدمت اسرائيل تطمينات للولايات المتحدة بعدم ايذاء عرفات، ولكن المسؤولين الفلسطينيين قالوا ان الجنود الاسرائيليين قتلوا اكثر من اربعين فلسطينيا على الاقل منذ اقتحام الدبابات رام الله.
ويتربص القناصة الاسرائيليون للفلسطينيين فوق اسقف مبان عالية كثيرة. وقال شهود عيان لحفنة من الصحفيين الذين تنقلوا في قافلة صغيرة في المدينة ان القناصة الاسرائيليين قتلوا احد الشابين الفلسطينيين وعمرهما 20 عاما و22 عاما بالترتيب اثناء محاولته الاحتماء داخل مبنى عائلة انهار.
وقال فلسطينيون ان الشاب الثاني قتل في شارع مجاور وجر الجنود جثته إلى داخل المبنى.
وفي اليوم الثالث للتوغل الإسرائيلي شقت اصوات طلقات المدافع الرشاشة الثقيلة التي تعلو الدبابات وناقلات الجنود المدرعة السكون المخيف في الشوارع المهجورة.
وتصاعد الدخان من مبان اصيبت برصاص اسلحة الجنود الاسرائيليين بعد ان اشتبهوا على ما يبدو بوجود مسلحين فلسطينيين بداخلها.
ولكن المسلحين الفلسطينيين الذين خاضوا معارك شرسة خلال الاحتلال السابق لرام الله في الشهر الماضي لم يكن لهم وجود في أي مكان بسبب التواجد العسكري الكثيف.
ولم يستطع الفلسطينيون المسيحيون في المدينة التي يبلغ عدد سكانها 210 آلاف نسمة من حضور قداس عيد القيامة بسبب القمع العسكري.
وخلفت الدبابات وناقلات الجنود المدرعة والجرافات المدرعة دمارا في كل انحاء رام الله المقر المؤقت لمعظم مؤسسات السلطة الفلسطينية التي انشئت بموجب اتفاقيات السلام المؤقتة المبرمة عام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل.
وألحقت قذائف الدبابات ونيران المدافع الرشاشة الثقيلة اضرارا بعدد من المباني. واتخذت نحو 50 دبابة مواقع لها في وسط المدينة.
وأتت المدرعات الثقيلة على بعض الشوارع، وتناثرت السيارات المحطمة في كل انحاء المدينة ودمرت الارصفة، واطلقت النار على خزانات الماء مما ادى إلى تدفق المياه منها.
وقطع الجيش امدادات المياه والكهرباء عن مجمع عرفات ولكنه ادعى يوم السبت انه سمح لسيارات اسعاف فلسطينية بادخال طعام وزجاجات ماء وشموع.
وأعيدت الكهرباء امس الاحد وتناثر الركام في كل أنحاء المجمع.
ولزم معظم السكان بيوتهم بسبب تجدد الاحتلال ولكن كثيرين ظلوا على تحديهم.
وصرخت امرأة في وجه جندي إسرائيلي في الشارع بعد ان أمرها بالابتعاد عن النافذة «بإمكانكم ان تحتلوا أي شيء افعلوا ما يحلو لكم ولكنكم تعرفون انكم لن تدحروا إرادتنا».
|