كثيرا ما أحس بأن المرأة العاملة لدينا قد نقلت وإياها إلى مجال العمل جزءاً مهما من تاريخ أمها وجدتها، ولا سيما في الأحاديث الأسطورية والفجائع الغرائبية التي تحكيها نسوة الأمس من خيوط شمس الضحى، وتنثرها بين يدي صويحباتها كنوع من الدراما المستترة المسلية.
ومن خلال هذه القصص والحكايات من الممكن أن توفر لنا قراءة سرية أخرى ووجها سرياً يبثه المجتمع عبر الانترنت.
وهناك قصة طريفة مرت بي مؤخرا تحكي أن هناك رجلاً متزوجاً ومستقراً بعائلة وأطفال، طاب له أن يتزوج من فتاة من دولة عربية مجاورة اشتهرت فتياتها بالجمال ونصاعة البشرة، فذهب إلى هناك وبعد بحث دقيق في «سوق النساء» وقع اختياره على فتاة قرر أن يتزوجها، ولكن يبدو بأنه لا يمتلك واسطة قوية تؤهله لاستخراج تصريح بالزواج إضافة إلى أن زوجته المحلية ترفل بصحتها وعافيتها وخصوبتها، فما كان منه بعد أن أعيته الحيلة الا أن استخرج فيزة شغالة للبلد المذكور، وجلب العروس بهذه الفيزة، وحينما كان يرزق بطفل من زوجته الجديدة كان يسجله باسم زوجته القديمة.
طبعا النساء يستجلبن هذه القصة كمثال وشاهد حي على غدر الرجال وخيانتهم، وبأنهم لن تعيهم الحيلة إذا ما رغبوا في أمر ما.
ولكن هذه القصة من الممكن أن تشير لنا إلى تفاصيل العلاقة بين الرجل والمرأة لدينا وتضاريسها العجيبة.
فالمرأة أولا «سلعة» تستبدل في حالة القدم أو الملل أو عند طموحات الكهول بتجديد الشباب المنطفئ من خلال تجربة جديدة.
هناك سوق خاص بالنساء، وله تسعيرة خاصة تعارف عليها المجتمع، فالسوق المحلي رافل بالنساء ولكن له شروطه الخاصة وأثمانه المرتفعة، ويندر أن تتهيأ فرصة لمتزوج للارتباط بفتاة بكر، لذا يصبح السوق الخارجي أفضل من خلال رخص الأثمان وتعدد الخيارات وإمكانية الفوز بفتاة بكر لم يسبق لها الزواج.
مفهوم العائلة بكل روابطها وصلاتها وأبنائها وتاريخها، يتقلص أمام نزوة من الممكن أن تطرأ على رأس فرد واحد فيها «الأب»، ومن ثم هناك عائلة أخرى تنشأ إلى جوار العائلة الأولى تبعا لقرار منفرد اتخذه فرد، وبالتأكيد يتعارض مع بقية الأفراد ومصالحهم.
وأخيرا قرار منع الزواج من أجنبية وضع لحماية المجتمع من ممارسات تفتقد النضج والمسؤولية، ولكن هناك ثغرات متعددة يتمكن البعض فيها من التحايل عليه وتحقيق المطلوب، على كل حال هي مسألة وعي، والأهم من هذا كله هو الإطار الذي تدور فيه علاقة المرأة بالرجل في هذا المجتمع والمساحة الشاسعة التي يصول ويجول فيها الذكر بدعامة متينة من مجتمع يباركه ويبرره دوما وفي غالبية الظروف.
| 
