Saturday 30th March,200210775العددالسبت 16 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المبنى المدرسيالمبنى المدرسي
د. عبد العزيز محمد الحقباني*

لم أكن أنوي أن أكتب للمرة الثالثة أو الرابعة عن المبنى المدرسي فاعتقادي بأن هذا الموضوع أشبع بحثاً وطرحاً ومناقشة في أكثر من مقالة بأقلام متخصصة من مهندسين وتربويين بل هناك بحوث علمية قدمت لنيل درجات علمية وأسهمت مساهمة متواضعة في التطرق لهذا الموضوع منذ سنوات. وكان لي شرف المساهمة في ندوة صحفية حول البناء المدرسي وها أنذا أعود لأكتب عنه وأتقدم بطرح مقترحات أتمنى أن تدرس بعناية من قبل مسؤولي التعليم والمتخصصين عسى أن يكون فيها بعض الفائدة للخروج من مأزق تداعيات المبنى الدراسي. ولست هنا أتشمت بما حصل لفلذات أكبادنا الذين ذهبوا ولاقوا ربهم قضاء وقدراً وكلنا إيمان بما كتب الله وان ما وقع من حوادث أو اصابات لا يمكن أن تمنع وقوعها كتابتنا أو اطروحتنا. ولست هنا ألقي اللوم على مسؤولي الرئاسة أو غيرهم بل أتقدم بالعزاء لمقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وكذلك منسوبي رئاسة تعليم البنات وأولياء أمور الطالبات اللاتي قدمن ارواحهن في ذلك الحريق المؤلم داعياً لهن بالمغفرة والقبول ولذويهن بالصبر والسلوان والى مديرة ومعلمة المدرسة المنكوبة بالصبر على المصيبة وهذا هو دين المؤمن ومنهاجه {إنَّا لٌلَّهٌ وّإنَّا إلّيًهٌ رّاجٌعٍونّ}.
المدرسة في كل دول العالم جزء لا يتجزأ من المجتمع، هو من قام بانشاء المدرسة والاشراف عليها، لذلك نجد أن المجتمع يسعى جاهداً أن تتوفر في المكان الذي ستقام عليه المدرسة شروط جيدة لكي تقوم المدرسة بدورها الاجتماعي تجاه مجتمعها المحيط بها. لابد من توفر الشروط الأساسية في ذلك البناء، ومن هذه الشروط:
1 أن يكون المدرسة متوسطة الموقع في الحي الذي ستقام فيه.
2 أن يكون مقر المدرسة في أعلى منطقة في الحي ان امكن ذلك.
3 ان تحيط بالمدرسة ساحات واسعة.
4 سهولة الوصول لمقر المدرسة من جميع أطراف الحي.
5 ان تتوفر في البناء المدرسي جميع الشروط الصحية المطلوبة من تهوية وانارة وكذلك مخارج الطوارئ.
6 أن يكون المبنى المدرسي في المراحل الأولية من التعليم يتكون من دور واحد.
الشرط الأول في ضرورة ارتفاع موقع المدرسة هو أن تكون بعيدة قدر الامكان عن مجاري السيول لأنها في حالة الامطار الغزيرة أو الفيضانات تكون ملجأ للحي أو الأحياء القريبة منها في حالة تهدم بعض المباني السكنية المحيطة بها. كما أن بالامكان استخدامها مستنشقاً في حالة الطوارئ. ومن هنا أهمية اتساع الفصول وكذلك الممرات من أجل سهولة حركة الطلاب أثناء وقوع الحوادث. كما أن نوافذ الفصول يجب أن تكون بحجم مناسب يسمح باستخدامها كمخارج طوارئ في حالة اغلاق الممرات المؤدية للفصول، والنوافذ تطل على الساحات أو تطل على طرق مؤدية للساحات. كما أن أبواب الطوارئ يسهل فتحها من الداخل من قبل كل الطلاب حتى وان كان الطالب صغير السن. كما أن أبواب الطوارئ تكون مزودة بشبكة انذار تصدر أصواتاً في حالة فتحها اثناء الحوادث.
ان الساحات المحيطة بالمدرسة بالاضافة إلى أنها منطقة لممارسة الألعاب الرياضية المختلفة لطلاب المدرسة كذلك فانها تعتبر مساحات خضراء تساعد على تخفيف التلوث وكذلك زيادة المساحات الخضراء في الحي كما أنها نقطة تجمع في حالة الطوارئ للمدرسة أو الحي حتى يمكن استخدام تلك المساحات لهبوط الطائرات العمودية من قبل الهلال الأحمر أو الأمن العام.
كما أن سهولة الوصول الى المبنى المدرسي في مختلف أنحاء الحي يسهل حركة رجال الاطفاء والاسعاف.
عند وضع مخططات المدرسة وقبل التنفيذ يجب أن يعرض هذا المخطط على الأشخاص ذوي الخبرة لكي يبدوا ملحوظاتهم وأصحاب الخبرة مثل رجال الأمن العام بما فيهم رجال الدفاع المدني والهلال الأحمر وكذلك شرطة الحي هذا بالاضافة إلى نخبة مختارة من أولياء الأمور وذلك من أجل ابداء مرئياتهم ومقترحاتهم الكفيلة بادخال التعديلات الضرورية التي تخدم الطلاب ورجال الأمن. كما أن هناك ضرورة لتوفر وسائل السلامة مثل طفايات الحريق والمستلزمات الضرورية لفتح الأبواب المغلقة
في حالة الطوارئ مثل الفؤوس وقواطع الاقفال وتدريب المعلمين والحراس على استخدامها. كما أن ضرورة اقتصار وضع الحواجز الحديدية ضد السرقة لغرفة أو غرفتين فقط في المدرسة أما فصول الطلاب فلا أرى ضرورة لوضع تلك العوارض الحديدية عليها، واذا كان ولا بد من وضعها فيجب أن توضع بطريقة هندسية يمكن فتحها أثناء اليوم الدراسي وغلقها بعد نهاية اليوم. كما أنه لابد من اسناد حراسة المدرسة الى شركات أمنية بدلاً من تعيين حارس واحد يسكن هو وأسرته في غرفة واحدة لا تتناسب صحياً ولا اجتماعياً لتكون سكناً للأسرة حيث يصاب بالاحباط من جراء الضيق الذي يعيش فيه مما يجعله لا يبالي بالعمل الذي يقوم به.
في الختام أرى أنه حان وقت الاسراع في تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في بناءالمدارس وعلى الأراضي المخصصة في الأحياء ويجب أن تكون المزايا والصفات تتسم بالبساطة في المبنى الدراسي الذي يقوم به القطاع الخاص والذي يتم تأجيره للدولة لمدة زمنية يتفق عليها بين الطرفين حتى يتم بها تعديل عدد المباني المستأجرة والتي أصبحت عبئاً على العملية التعليمية.
بالاضافة الى كل ما سبق فإنني أعتقد انه بدأت الحاجة الماسة في وضع منهج تعليمي مبسط عن ادارة الأزمات أو الكوارث لا قدر الله وكيفية التعامل معها داخل الأبنية المدرسية كأن تكون مجموعة من المحاضرات الشهرية لتوعية الطلاب، وربما يمكن أن تقوم كل مدرسة بعمل ساعات كل شهر تضع فيها الطلاب في ظروف مشابهة لحدوث حريق أو زلزال للتدريب العملي في آليات السلوك والنظام الذي يجب على الطلاب مراعاته في مثل هذه الظروف، ولا مانع من وضع لافتات كوسائل ارشادية لتسعف الطالب في التوجيه نحو الخروج من المكان بنظام وسهولة في الوقت نفسه. وفي الختام اشكر وادعو الله أن يحفظ هذا البلد من كل مكروه قيادة وشعباً والله من وراء القصد.

*الاستاذ المشارك بكلية الملك خالد العسكرية

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved