* بيروت عبد الكريم العفنان واس:
اقترح صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني رئيس وفد المملكة العربية السعودية الى مؤتمر القمة العربي في دورته العادية الرابعة عشرة أن تتقدم الجامعة العربية بمشروع عربي جماعي واضح الى مجلس الامن يقوم على أمرين أساسيين العلاقات الطبيعية والأمن لاسرائيل مقابل الانسحاب الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين.
وناشد سمو ولي العهد في كلمة ألقاها أمس أمام المؤتمر جميع الدول الصديقة في كل مكان من العالم أن تقف بشرف الانسانية لدعم هذا التوجه الذي يستهدف ازاحة خطر الحرب المدمرة وتحقيق السلام لجميع شعوب المنطقة بلا استثناء.
وفيما يلي نص كلمة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله والعزة له عالم الغيب والشهادة القائل في محكم كتابه {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} والصلاة والسلام على نبي الرحمة الداعي الى وحدة الصف والهدف القائل «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
اخواني قادة الامة العربية
اخواني شعوب أمتنا العربية والاسلامية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحييكم جميعا بتحية الاسلام وأشكر لبنان الشقيق لبنان الكرامة والوحدة الوطنية لبنان العروبة بكل أديانه وفئاته على استضافته لقمتنا هذه في زمن يموج ويضطرب بالأحداث ولا يعرف أحد ما يمكن أن تتمخض عنه إلا الله جل جلاله الا أنه رغم كل شيء وما حدث وما يمكن أن يحدث تبقى القضية الاولى في ضمير كل انسان في أمتنا العربية والاسلامية هي استرداد الحقوق المشروعة في فلسطين وسوريا ولبنان وهذه الحقوق المرتبطة بالأرض الغالية المحتلة لا يمكن أن تنساها الذاكرة ولا أن يهمشها مرور الأيام والأعوام وما ضاع حق وراءه مطالب .
ان من يتابع انتفاضة أشقائنا في فلسطين التي يدعمها كل العرب والمسلمين يدرك بأن الصمود لا ينضب وأن الشجاعة لا تتراجع وأن الحق يعلو ولا يعلى عليه وقد أدرك كل صغير وكبير في فلسطين أنه لا طريق الى تحرير أرضه أو ترابه إلا بالكفاح والصمود أو بالسلام العادل الشامل لذلك على حكومة اسرائيل أن تعي ذلك وتدركه وتتلافاه بنهجها طريقا آخر وهو السلام.
أيها الاخوة الكرام
أيتها الشعوب العربية والاسلامية الأبية
ان العرب عندما قرروا قبول السلام خيارا استراتيجيا لم يفعلوا ذلك عن عجز مهلك أو ضعف قاتل وان اسرائيل تسرف في الخطأ اذا تصورت أنها تستطيع أن تفرض سلاما ظالما على العرب بقوة السلاح ولقد دخلنا العمليةالسلمية بعيون مفتوحة وعقول واعية ولم نقبل أبدا ولا نقبل الآن أن تتحول هذه العملية الى التزام غير مشروط يفرضه طرف على الآخر.
ان السلام اتفاق حر بين طرفين متساويين ولا يمكن أن يعيش سلام قائم على القمع أو القهر. لقد قامت العملية السلمية على أساس واضح لا لبس فيه وهو الارض مقابل السلام وهذا الاساس هو الذي قبله المجتمع الدولي بأسره وجسده قرار مجلس الامن رقم «242» وقرار مجلس الامن رقم «338» كما تبنته قرارات مؤتمر مدريد سنة 1991م وأكدته قرارات الاتحاد الاوروبي وغيره من المنظمات الاقليمية وأكده من جديد هذا الشهر مجلس الأمن في قراره رقم «1397».
أيها الاخوة الكرام
لقد كان ولا زال من الواضح في أذهاننا وفي أذهان أشقائنا في فلسطين وسوريا ولبنان أن النتيجة الوحيدة المقبولة لعملية السلام هي الانسحاب الاسرائيلي الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة وقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين، بدون هذه النتيجة تصبح العملية السلمية اضاعة للوقت وتلاعبا بالالفاظ ومجرد مناورات تقود الى حلقة مفرغة من العنف.
ان العودة الى طاولة المفاوضات مطلب لا معنى له اذا ظلت هذه المفاوضات تراوح مكانها دون أي أثر ايجابي ملموس كما هو الحال منذ عشر سنوات.
واسمحوا لى هنا أن أتوجه بحديثي مباشرة الى شعب اسرائيل لأقول له ان تجربة العنف عبر أكثر من خمسين عاما لم تنتج سوى المزيد من الدمار وإن المجتمع الاسرائيلي لا يزال أبعد ما يكون عن الأمن والسلام رغم التفوق العسكري ورغم محاولات القهر والاذلال.
ان السلام ينبع من القلوب والعقول لا من فوهات المدافع ونيران الصواريخ لقد آن الأوان لكي تراهن اسرائيل على السلام بعد أن راهنت على الحرب خلال العقود الماضية بدون جدوى ولكن يجب أن يكون مفهوما لاسرائيل وللعالم كله أن السلام والاحتفاظ بالأراضي العربية المحتلة نقيضان لا يجتمعان.
وأضيف قائلا لشعب اسرائيل أنه اذا تخلت حكومته عن أسلوب القوة والقمع ورضيت بالسلام الحقيقي لن نتردد في القبول بحق الشعب الاسرائيلي أن يعيش في أمن مع شعوب المنطقة.
اننا نؤمن بحمل السلاح دفاعا عن النفس وردعا للعدوان ولكننا نؤمن بالسلام اذا جاء قائما على العدل والانصاف منهيا للعدوان وفي ظل السلام الحقيقي وحده يمكن أن تقوم علاقات طبيعية بين شعوب المنطقة لتحل التنمية بدلا من الحروب والدمار.
اخواني الكرام
انطلاقا مما تقدم ومن مكاني بينكم ومعكم وبكم بعد الله جل جلاله اقترح أن تتقدم الجامعة العربية بمشروع عربي جماعي واضح الى مجلس الأمن مشروع يقوم على أمرين أساسيين العلاقات الطبيعية والأمن لإسرائيل مقابل الانسحاب الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين وانني أناشد في الوقت نفسه جميع الدول الصديقة في كل مكان من العالم أن تقف بشرف الانسانية لدعم هذا التوجه الذي يستهدف ازاحة خطر الحرب المدمرة وتحقيق السلام لجميع شعوب المنطقة بلا استثناء.
هذا وأسأل الله أن يمنحنا صواب الرأي وعزيمة المؤمن انه نعم المولى ونعم النصير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
|