حضور الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات إلى القمة التي ستلتئم غداً في بيروت أمرٌ مطلوب بشدة، فهو الأقدر على إعطاء الصورة الأشمل لما يجري داخل بلاده وهو الرمز الفلسطيني القائم منذ عدة عقود وهو عنوان الدخول إلى دقائق المواقف الفلسطينية تجاه كل ما يجري وما هو مطروح.
غير أن حضور عرفات لا يمكن أن يكون مقابل ثمن سياسي كارثي يُظهر كامل الشأن الفلسطيني وكأنه رهن لمرئيات شارون القاصرة والعدوانية والإرهابية.
فشارون ليس هو من يقرر خروج عرفات أو دخوله لبلاده، والتسليم بذلك أمرٌ لا يستقيم مع طبيعة شعب مناظل ينازل إسرائيل كل يوم على ساحات المواجهة، ويؤكد وجوده واستقلال قراره على الرغم من الاحتلال وكل صنوف العدوان التي يُنزلها به..
وفي كل الأحوال فإن غياب عرفات لا يعني انتقاصاً من الشأن الفلسطيني، فهو الموضوع الأكثر حضوراً في هذه القمة إلى جانب مبادرة سمو ولي العهد التي يقع في صميمها أمر فلسطين.
ويحاول شارون، والأضواء مسلطة على أمر عرفات، أن يبدو وكأنه الآمر الناهي، لكنه يعمل من حيث لا يدري على تعرية مواقفه العدوانية بما فيها الرفض للسلام ومبادرات السلام، وقد صورت له عنجهيته أن يفرض على عرفات، إن هو ذهب إلى بيروت، ألا يتحدث بلغة التحريض، ويعرف شارون تماماً أن عرفات لا يملك إلا أن يتحدث عن هذا العدوان الآثم المستمر على شعبه ليل نهار..
مواقف شارون لا يمكن وصفها إلا بالوقاحة، فهي كما تفتقر إلى الكياسة، فإنها أيضاً تناقض تياراً عالمياً واسع النطاق يتطلع إلى السلام ويركز بشدة على إعطاء فرصة لمبادرة سمو ولي العهد التي يُنظر إليها على أنها مخرج مناسب من الوضع الشديد التعقيد الذي تتردى فيه المنطقة.. لكن إسرائيل تضع العوائق أمام الإرادة الدولية بهذه السياسات بما في ذلك محاولة التحكُّم في تحركات الرئيس الفلسطيني والحؤول دون حضوره مؤتمراً يُجمع الحضور فيه على أهمية اقتناص فرصة السلام التي توفرها المبادرة السعودية.
|