في جلستنا الأسبوعية بالبيت، بعد صلاة الجمعة أول يوم من العام الجديد 1423ه عرض علينا أحد الإخوة الزائرين قصاصة جريدة معه لا تحمل اسم الجريدة، ولكنها تحمل التاريخ 26/12/1422ه والعدد «14200» لعلَّها «المدينة».. تحمل هذه القصاصة مقالة بقلم الأخ الكريم عمرو محمد الفيصل بعنوان «قنِّنوا الرشوة».. لم يتلقَّها الحاضرون بالرد ولا بالقبول المطلق.
يرى كاتب المقال أن الرشوة التي استشرت بين ضعاف النفوس من موظفي الدولة بكل أسف لا بُدَّ لها من علاج.. ويرى أن علاجها يتمثل فيما يأتي:
وهو «أن تضع كل دائرة حكومية رسما بسيطا على كل معاملة.. يُحَصَّل هذا الرسم من المراجعين، ويجمع في صندوق، ثم يوزع على الموظفين كحافز للمجتهدين ويحرم من ذلك الحافز الموظف الكسول.. أو الذي يعطل معاملات الناس بلا سبب».
ويرى الكاتب أن هذا الاقتراح «سيؤدي إلى تخفيف ظاهرة الرشوة.. ويعطي الموظف مصدراً حلالاً يدعم دخله.. ويشكل حافزاً له للاجتهاد في إنهاء معاملات الناس، ويسرِّع إنجاز معاملاتهم.. والتقليل من عبارة «روح وتعال».. وبرسمٍ معروف ومعلن ينطبق على الجميع.
أما بالنسبة للمشاريع الضخمة والتي تتسم الرشاوى فيها «بالهبر» الكبيرة فيقترح أن توضع نسبة معينة.. واحد في المائة، توزع على الموظفين المسؤولين عن إجازة هذه المشاريع».
وإيجابيات هذا الاقتراح في نظر الكاتب يتمثل فيما يلي:
حماية الموظف من السقوط في فخ الرشوة.
الإسراع في إنجاز معاملات الناس.
تنشيط وزيادة انتاجية القطاع الحكومي.
إلغاء الميزة بين المشروع السيىء والمشروع الجيد.
***
أوردت هنا ملخص فكرة مقال الأستاذ عمرو محمد الفيصل ولي على اقتراح أخي الكريم عدة ملاحظات:
من الذي أباح أو سيبيح أخذ رسم على المعاملات.. سواء كان صاحبها من ذوي الذمم الصالحة أم من أصحاب الذمم الخربة..؟
الرجل الصالح لن يدفع رشوة لأحد.. وبالتالي لا يصحُّ أن نكلفه رسماً تعسفياً لا حق لأحد فيه..
ثم إذا كان صاحب المعاملة غير رابح في معاملته.. أو له ربح قليل فإننا بهذاالرسم نزيد الطين عليه بِلةً.. فهل نجمع له بين السيئتين..؟
ثم السؤال الكبيروالمهم هو:
من يضمن ألا يذهب الراشي الى المرتشي «سرَّاً» كعادة أهل المخدرات وغيرها.. فيدفع له مبلغاً مغرياً يزيد أضعافاً عما سيأتيه بطرق حلال.. لينجز أو يحقق له ما يريد..؟ ومن يضمن «المرتشي» ألا يسيل لعابه لهذا الأغر الخبيث فيقع في الفخ؟.
ولماذا لا يكون العلاج إعلامياً بين الترغيب والترهيب؟ إعلاماً عقلانياً رافقاً ومحفزاً قِيَم الخير في نفوس هذه الفئة العاصية لله ورسوله.. كالتذكير بقوله صلى الله عليه وسلم «من يستعفف يُعِفُّه الله، ومن يستغنِ يُغْنِه الله» وكقوله «من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه».. ومن تخويفهم بأن يقعوا تحت طائلة الوعيد الشديد؟ إلخ ثم إن الله يزع بالسلطان ما لايزع بالقرآن.. والحكومة مطالبة بفتح عيونها على من يفسد في الأرض.. ويأكل حقوق الناس بالباطل.
وأول الغيث قطر ثم ينهمر.. وما نشرته صحيفة «الوطن» قبل أمس حول رئيس بلدية ومساعده وآخرين.. كشفت هيئة الرقابة عن فسادهم، وحكم عليهم بالسجن عشر سنوات وغرامة مليون ريال..
بمثل هذا الاجراء يقلُّ مرض الرشوة شيئاً فشيئاً بإذن الله إلى أن يزول.. وما ذلك على الله بعزيز..
اللهمَّ أغننا والمسلمين جميعاً، بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمَّن سواك..
والقناعة بما أعطاك الله، وإن كان قليلاً، فيه راحة للنفس. وطهارة للروح
ما كلُّ ما فوق البسيطة كافياً وإذا قنعتَ فكلُّ شيءٍ كافي |
|