* * الحقوق في هذا البلد الإسلامي.. محفوظة تماماً.. لا أحد يضيع حقه.. ولا أحد يشتكي من غياب أو ضعف العدالة.
* * الشرع.. يكفل لك كل شيء.. والدولة حرسها الله تكفل لكل إنسان يمشي على أرض المملكة.. الشرع.. والمحكمة الشرعية.. تنصفك وتنصف كل صاحب حق.
* * نحمد الله على هذه النعمة الكبيرة.. ونشكره جلت قدرته.. على ما منحنا إياه من فضل كبير..
* * وفي الأسبوع الماضي.. زرت الحقوق المدنية.. التابعة للشرطة.. فوجدت هناك أساليب الحزم.. وأساليب توحي لك بأن هناك نظاماً صارماً قوياً.. يحفظ الحق لكل شخص.. ولا يمكن أن يشتكي أحد.. بأن حقه قد بُخس أو ضاع أو هُضم..
* * لكني تفاجأت بأشياء لم تكن في حساباتي.. ولم أكن أتوقعها.. وهي أشياء لا تتعلق بالمقر.. ولا بضيقه.. ولا سعته.. ولا جماله ولا بالمداخل.. ولا بالعاملين هناك.. ولا بكثرتهم أو قلتهم.. ولا «بِشِيْنَةْ» أنفس بعضهم.. لكنها تتعلق بنوعية بعض المراجعين المطلوبين في حقوق.
* * فهذا مماطل.. وهذا متلاعب.. وهذا مراوغ.. وهذا يُنكر والدليل ضده.. وهذا مكابر.. وهذا يصارخ وبطنه مليء بالحقوق.. وهذا غير متجاوب.. وهذا «ملوسن» وهذا يكذب.. وهذا يْسَحِّبْ بشته.. في المكاتب.. والممرات.. و«نافخ» نفسه وهو أكبر وأشهر نصاب ومتلاعب.. ولا يحضر إلا و«مِتْقَفِّيْنَهْ» ثلاثة جنود.. وهذا مسواكه في فمه.. «يعني تراني..؟!!».. وهذا.. وهذا ومن كل الجنسيات.. والاشكال والأصناف.. ومن شباب وشيب.. ونساء وعجائز.. ومن كل شكل وصنف.
* * فقلت.. كان الله في عون أولئك الرجال العاملين هناك.. فالمسألة.. ليست هيِّنة.. والعمل معقد معقد.. وشاق للغاية.
* * وقد تحدثت مع بعض العاملين هناك لأن المدير «صاكٍ» على نفسه ومدير مكتبه صف ضابط مشغول مع السندويتش وكأس الحليب ويؤشر برأسه «المدير مشغول».
* * أقول.. تحدثت مع بعض العاملين.. فوجدت ان ما شاهدته.. ما هو إلا مجرد شكل خارجي فقط.. وأدركت أن تلك الإدارة تعاني من مشاكل كثيرة.. هي مجموعة مشاكل المراجعين لهذه الإدارة الحساسة.. المهمة.. الخطيرة.
* * حقيقة.. كل المراجعين.. وكل العاملين.. يثني على هذه الإدارة.. وعلى عملها.. وعلى أكثر موظفيها.. وعلى كل شيء فيها..
* * الكل.. يشهد لها بالصدق.. والموضوعية.. والإنصاف.. والقوة في الحق..
* * الكل.. يثني على طبيعة العمل اليومي وعلى مجرياته.. وعلى ما يتم هناك.. والكل.. ممنون.. حتى الشخص المسجون.. يقول نعم.. انني مطلوب.. وعليّ حق لفلان.. والمراوغ.. يثني على هذه الإدارة وموظفيها.. وطريقة وأسلوب تعاملها.
* * لكني.. سأسوق لكم مثالين اثنين ازعجاني كثيراً.. وجعلاني اتضايق بعض الشيء.
* * المثال الأول.. توقيف امرأة حامل في شهرها التاسع.. بينها وبين الولادة سويعات فقط..
ولك ان تتخيل وضعية ونفسية وظروف امرأة في هذه الحالة.. وكيف تسجن في مبلغ مالي لا تقدر على سداده.. ولكن صاحب الحق.. مصر على إيقافها او تسليم حقه الذي لا تملكه.
* * بالطبع.. الإدارة لا تلام.. لأن الحق حق.. وهذا حق خاص لشخص محدد.. وهو الرافض لأي تسوية أو سماع أو تأجيل.
* * أما الثانية.. فهي طالبة جامعية «طالبة في الجامعة» أوقفت بسبب عشرة آلاف ريال.
* * فالأولى «الحامل» أوقفت بسبب عشرين ألف ريال.. ولم تستطع سدادها.. ولم يتنازل المدعي.. بل هو متمسك بحقه وبقوة حتى لو «وَلْدَتْ» في «السِّيب».. وإدارة الحقوق.. ملزمة بتطبيق اللوائح..
* * والثانية.. طالبة جامعية.. رفضت زوجها في ليلة «الدّخْلَةْ» يعني «طْمَحَتْ» كما يقولون.. وطالبها زوجها بالمهر..
ولم تستطع سداد المبلغ.. فأوقفت.. وهي يتيمة ليس لها أهل.. فسُجنت.. وقد قيل لي.. أن كل من في المكتب.. من موظفين ومراجعين.. بكى.. وهم يسمعونها تبكي وتردد «وينك يبوي؟!».
* * وهناك مساجين.. وقضايا.. في فلوس لا تتجاوز الألف ريال.
* * انني هنا.. لا ألوم الحقوق المدنية أبداً أبداً.. فهذا نظام.. وهذه حقوق ومظالم.. وليس بوسعهم.. سوى تطبيق النظام وإلا.. لضاعت الطاسة.. وصاح الناس.. ضاعت حقوقنا.
* * لكني أسأل.. أين الجمعيات الخيرية عن هؤلاء؟.. تلك الجمعيات التي اشغلت الناس بالكلام والدعايات.. لماذا لا يكون لها وجود في الحقوق المدنية وتتلمس حاجات هؤلاء المساكين.
* * ثم.. أين أصحاب الملايين والمليارات.. الذين «يخابطون ويلابطون» بالملايين هناك.. وهناك؟!.
* * لماذا لا يزورون الحقوق ويفرجون كربة عشرة أشخاص.. أو عشرين شخصاً من «الضْعُوفْ المساكين».. والمبلغ لا يصل الى مائة ألف ريال؟!.
|