إذا نظرنا إلى الأوقاف في المملكة، والعناية بها والاهتمام بشؤونها، وجدنا كل ذلك مرتبطا ارتباطا وثيقا بالدولة، ومؤسسها الملك عبدالعزيز رحمه الله فقد جعل رحمه الله الاهتمام بسنة الوقف ضمن الأمور التي لها الأولوية في الرعاية والتنظيم، والمحافظة عليها، فكان يكلف القضاة والدعاة والعلماء بالإشراف على شؤون الأوقاف ورعايتها.
وسار تنظيم الأوقاف ورعايتها في خط تصاعدي، تبعا لرقي الدولة، وتطورها، فكانت الأوقاف شقاً من مسمى وزارة كاملة أنشئت عام 1381ه هي وزارة الحج والأوقاف، ثم صدر بعد ذلك نظام مجلس الأوقاف الأعلى عام 1386ه يرأسه معالي الوزير، ويضم في عضويته نخبة ممتازة من العلماء، وأهل الخبرة، وممثلين عن القطاعات الحكومية الأخرى ذات الصلة والعلاقة.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وهو العهد الذي يمكننا أن نسميه عهد الرقي والتقدم، والتنظيم العلمي الدقيق، في هذا العهد الزاهر أنشئت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، فشهد قطاع الأوقاف تطوراً عظيماً، سواء من حيث النوع، أو من حيث الكيف، فتم بمتابعة حثيثة من معالي الوزير الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ حصر الأوقاف وتسجيلها، مع العناية الخاصة بالأوقاف التي ظلت لفترة طويلة مجهولة ، أو معتدى عليها، وتخصيص مكافأة مجزية لكل من يرشد، أو يدل على هذا النوع من الأوقاف، مع القيام بحملة توعوية وإرشادية لبيان منزلة الأوقاف، وعظيم أجرها وثوابها، وحث الناس على الوقف على أوجه البر المختلفة، وإقامة المحاضرات، والندوات والمؤتمرات لبيان أهمية الأوقاف.
ورافق ذلك كله استثمار لعائدات الأوقاف في مشروعات عملاقة في جميع أنحاء المملكة، مما أعطى الدليل الواقعي على أثر الأوقاف في تطوير الدولة، وفي الرعاية الاجتماعية، كل ذلك يتم ولله الحمد وفق القواعد الشرعية، وتصرف تلك الغلال في مصارفها الشرعية ، وفق شروط الواقفين ، بأسلوب علمي مدروس، يتناسب مع متطلبات العصر، وما وصلت عليه الدولة من تطور ورقي في جميع مناحي الحياة.
ومن الأدلة على عناية هذه الدولة المباركة وقادتها بالأوقاف الإسلامية، واهتمامها تفضل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة الرياض حفظه الله برعاية ندوة، (الوقف في الشريعة الإسلامية ومجالاته) في المدة من 12 14/1/1423ه التي تنظمها الوزارة ولا عجب في ذلك فسموه الكريم يعرف القاصي والداني اهتمامه البالغ وحرصه الشديد على الرقي بأوقاف المسلمين، وتطويرها، وحتى تؤدي رسالتها السامية في تقدم المجتمع، وحضارته، وقد كان لهذا الاهتمام دور بارز وكبير في تطور أوقاف مدينة الرياض. وأحب أن أعرض على عجالة واحداً من عدة أمثلة لما قام به سموه وفقه الله من تذليل الصعاب التي تعترض نمو الأوقاف وأهدافها، فقد كان في رصيد أوقاف الرياض مبلغ من تجميع أثمان بعض الأوقاف المغموسة في بعض الأملاك التي تم نزع ملكياتها للمنفعة العامة، فتوفر للوزارة حوالي أربعة ملايين ريال، فعرض على سموه الكريم أن يخصص للأوقاف أرضاً من ضمن منطقة قصر الحكم فتجاوب مشكوراً، وبذل مساعيه الحميدة حتى تحقق للأوقاف هذا الهدف الاسمي، بتخصيص أرض مجاورة لمبنى قصر الحكم من الناحية الشرقية على شارع الثميري في قلب المنطقة التجارية، بهذا المبلغ الذي يعتبر رمزياً في هذه المنطقة الحيوية، بل واصل سعيه الحثيث حتى صار المشروع واقعاً ملموساً، فقامت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بتوجيه كريم من سموه بإعداد المخططات والبناء والتشييد لإقامة عمارة، ،محلات تجارية مخصصة لأسواق الذهب.
وقد خصص المبلغ اللازم للبناء من صندوق الاستثمار بوزارة المالية بقرض بلغ ثلاثين مليون ريال لمدة عشر سنين، وقد حقق هذا المشروع عائداً مجزياً للوقف، حيث تم تأجيره للعام الأول بخمسة ملايين ريال بعائد أكثر من 20% من قيمة المشروع. ولو أردت سرد ما قام به سموه لعجزت الصفحات عن إيضاحها، ولكن أردت إيراد مثل واحد فقط يكون دليلا على مآثره العظيمة، ومواقفه النبيلة، فجزاه الله خيراً، وجعل ما قام ويقوم به في ميزان حسناته.
وكيل الوزارة للشؤون الإدارية والفنية بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد |