Tuesday 26th March,200210771العددالثلاثاء 12 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

جيوب طالبان هل تهدد بحرب عصاباتجيوب طالبان هل تهدد بحرب عصابات
تهميش البشتون ونزاعات الفصائل الأفغانية تدعم من قوة طالبان
طالبان بدأت حرب الإغراءات المالية لقادة القبائل

* القاهرة محمد حسن:
قبل أن تبدأ واشنطن في خوض حربها ضد القاعدة وطالبان، سارعت إلى القادة الروس لمد يد التعاون بينهما، لما لموسكو من خبرة واسعة في الساحة الأفغانية.. خطوة ذكية حاولت بها الإدارة الأمريكية تلاشي الوقوع في الفخ الأفغاني، لكن لا ينجي الحذر من القدر، فقد ظهرت بقايا لطالبان والقاعدة وبدأت تقاتل بشدة في شرق البلاد، بل أوقعت خسائر في صفوف القوات الأمريكية والقوات الأفغانية الموالية لها، وأرغمتها على التراجع للمناطق الشرقية المتمركزة فيها، ووصل الأمر إلى تردد أنباء حول وجود أسرى أمريكيين لدى قوات طالبان، وأن هناك مفاوضات لمبادلتهم مع أسرى طالبان والقاعدة لدى واشنطن، ورغم نفي أمريكا ذلك إلا أن التساؤلات تبقى حول تلك التحركات العسكرية لبقايا طالبان والقاعدة.
وهل حقاً بدأت طالبان والقاعدة حربا طويلة الأمد ضد واشنطن؟
وما هي الأساليب الجديدة التي يعتمد عليها هؤلاء القادة في قتالهم وجمع صفوفهم، وهل وقعت القوات الأمريكية بالفعل في الفخ الأفغاني؟
جيوب طالبان والقاعدة
رغم الانهيار الذي توالى على قوات طالبان والقاعدة منذ بداية الحرب في أفغانستان إلا أن صوت المقاومة والتحركات العسكرية لها بدأت مؤخرا في الظهور، في أعقاب الانفجارات التي نفذتها عناصر من القاعدة وطالبان في القاعدة العسكرية بمطار قندهار، وتلا ذلك عمليات عسكرية أخرى قتل خلالها تسعة أمريكيين وأصيب 40 آخرون، وهو ما اعتبره المراقبون بداية لحرب العصابات داخل أفغانستان، مما يعيد إلى الأذهان موقف القوات السوفيتية السابق في أفغانستان، ويشكك في امكانية القوات الأمريكية لتحقيق انتصار نهائي وإحلال السلام داخل أفغانستان، وينذر بحرب أهلية أو عودة لطالبان والقاعدة من جديد.
ومما يزيد من احتمالات الدخول في حرب عصابات طويلة الأمد، هو تهميش البشتون الذي جاء دعما قوياً في يد طالبان والقاعدة، فتلك الأغلبية البشتونية كانت منذ فترة طويلة مسيطرة على الحكم في أفغانستان، وحتى قبيل الضربات الأمريكية لنظام طالبان، حيث تمثل تلك الأغلبية أكثر من 55% من سكان البلاد، الأمر الذي يؤهلها لإدارة شؤون البلاد لكن بعد دخول القوات الأمريكية لأفغانستان، همش من أهمية البشتون في إدارة أفغانستان، في حين تسيطر الأقليات الأخرى من الأوزبك والطاجيك على مقاليد الحكم في البلاد، وعلى الوزارات السيادية وهي الدفاع والداخلية والخارجية بجانب وجود قيادات بارزة في الجيش من التحالف الشمالي، ويعتبر احتكار التحالف للعديد من المناصب أمراً يزيد من عداء الأغلبية البشتونية للقوات الأمريكية، ويشير إلى تقارب واضح بين طالبان وقيادة القبائل البشتونية، وهو ما تحاول طالبان استغلاله في الوقت الحالي في حربها ضد القوات الأمريكية خاصة بعدما دفعت الحكومة المؤقتة بمئات من القوات الطاجيكية والأوزبكية إلى الجنوب البشتوني لمواجهة طالبان.
أساليب جديدة
ومن المؤشرات التي تنذر بإمكانية عودة حرب العصابات أيضاً هو اعتماد طالبان على أساليب جديدة في حربها ضد القوات الأمريكية، فقد بدأت طالبان تعتمد على حرب الاغراءات المالية التي انتهجها القادة الأمريكان منذ البداية، فوزعت منشورات تعد كل من يقتل أمريكياً بمكافأة قدرها عشرة آلاف دولار، وأخرى قدرها 200 ألف دولار لمن يقتل مسؤولاً أمريكياً كبيراً، وبذلك استطاعت طالبان فهم طبيعة اللعبة السياسية على أرضها، هذا بجانب تأييد بعض رجال الدين في أفغانستان للجهاد جنبا إلى جنب مع طالبان، وهو ما بدأ صداه يظهر في المناطق الشرقية للبلاد، سواء في حجم التجاوب مع دعوات الجهاد التي اطلقها قائد قوات طالبان «سيف الرحمن منصور» في الشرق الأفغاني، أو عبور مئات من المؤيدين لطالبان من باكستان إلى الأراضي الافغانية للمشاركة في القتال مع طالبان والقاعدة.
صعوبات
لكن رغم العوامل التي من المحتمل ان تقوي من قدرات طالبان والقاعدة هناك من يرى صعوبة تحول الموقف لحرب عصابات على غرار ما كان أيام الغزو السوفيتي حين ذاك، حيث اعترضت عليه أمريكا والدول الغربية منذ البداية، وهو ما كون جبهة مناهضة لبقاء السوفيت في أفغانستان، ودعما للمجاهدين الأفغان، أما الموقف الآن فيختلف جذرياً، فقد استطاعت واشنطن جمع التأييد العالمي في حربها ضد طالبان والقاعدة، الأمر الذي يجعل من الصعب تحول الحرب لحرب عصابات، أو حتى عودة فلول لطالبان والقاعدة في ظل خروج بقايا طالبان والقاعدة منهكة تفتقر للأسلحة والجنود من جراء الضربات الأمريكية، إضافة إلى تعاون بعض من قادة القبائل الأفغانية الطامعين في السلطة والنفوذ مع القوات الأمريكية في القضاء على بقايا طالبان، علاوة على وجود تمزق في صفوف القاعدة وطالبان مع استمرار الهجمات الأمريكية على معاقلهم في الجبال.
وعلى أية حال يرى كثير من المراقبين انه كلما زادت المدة المحددة للقضاء على بقايا طالبان والقاعدة، زادت معاناة القوات الأمريكية، في ظل الظروف المناخية الصعبة، ومع وجود نية لواشنطن في امتداد حربها ضد الارهاب لأماكن ودول أخرى، وهو ما يحتاج حشد قواتها في الأماكن الجديدة، وهو ما يضطر بوضع قوات التحالف في مقدمة القتال مع بقايا طالبان والقاعدة، مما قد يعيد الحرب مرة أخرى بين الفصائل الأفغانية.
وحتى الآن لم تحسم المعركة بعد، فمازالت بقايا طالبان في الكهوف شرق البلاد، وربما تنقلب المعركة لصالحهم، أو تنقطع بهم الأسباب، ويظل المستقبل شاهداً على ذلك.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved