Thursday 21st March,200210766العددالخميس 7 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هكذاهكذا
هكذا تسربت الحكاية..
فهد العتيق

* * رحلة:
* * الرحلة التي قمت بها، بالدوران حول صورة «فوتوغرافية» قديمة، وعليها كتابات قديمة أيضاً، قاربت ثلاثة أشهر، والآن بدأت الرحلة تستقر في مرحلتها الأخيرة بعد نزع الصورة من مكانها.
كنت تائها ذات مساء، في المنطقة الوسطى ما بين الرغبة في صنع كوب شاهي مع قراءة بقية كتاب أو جريدة، أو النوم، لأن الساعة الآن تجاوزت الثانية عشرة، وعملي لا يحتمل التأخير مثل بعض الأعمال، أضف لذلك المسافة بين المنزل ومقر العمل.. إلى آخره.
في هذه اللحظة توقفت ما بين السلم الدائري المؤدي للدور الثاني والمطبخ، أمام هذه الصورة الملصقة على مرآة كبيرة معلقة على الحائط.
صورة بالأبيض والأسود يصل عمرها إلى ثلاثين عاماً.
صورة محايدة لكنها تحمل تاريخاً تضرب جذوره في الأعماق.
وقفت طويلاً أمامها، ربما للمرة العاشرة أتوقف هكذا، فقط لتأمل ليس بعض ملامح الزمن الغابر، ولكن محاولة للربط بين ما مضى وما نحن فيه وما يمكن رؤيته على المدى القريب.
رحلة طويلة قمت بها بالدوران حول هذه الصورة، لكنها كانت ممتعة ولذيذة.
توقفت أمامها فنسيت كوب الشاهي ونسيت الرغبة في النوم، انتزعت الصورة من مكانها وأنا أرى خيوط عالمها تتسرب قطرة قطرة من ذاكرتي.
قلت أمنحها شيئا من الحياة، أعطيها ألواناً جديدة وروحاً جديدة وذاكرة أخرى.
وضعتها أمامي، لوّنتها، لوّنت الوجوه والأيادي بالأصفر الفاتح، ثم كتبت في الخلف هكذا تسربت الحكاية، هكذا كنّا، في زمن مضى وانقضى، وهذا ما نحن فيه، ثم تذكرت رحلتي الأخرى التي سجلتها على هذه الأوراق في زمن مضى أيضاً، تذكرت حين استلقيت وحيداً ذات مساء، هناك حيث لا أحد، أرحت جسدي المتعب وذهني المتعب، أرحت كل شيء بالكامل، أغمضت عيني بهدوء ثم طردت كل شيء من رأسي، أغمضت عيني بهدوء ثم طردت كل شيء من رأسي، أغمضت عيني ونزلت هناك بعيداً، خارج الزمان والمكان، أتطامن وأنا أمضي في منطقة جديدة، ثم أُدحرج سؤالاً خفيفاً: من أنا.. ماذا أريد.
* صورة من «جاك بريفير»
* وجه:
* يقول لا برأسه،
لكنه يقول نعم بقلبه،
يقول نعم لما يحب،
يقول لا للأستاذ،
إنه واقف،
تنهال عليه الأسئلة،
وتطرح كل المسائل،
فجأة تنتابه الضحكة المجنونة،
فيمحو كل شيء،
الأرقام والكلمات،
التواريخ والأسماء،
الكلمات والفخاخ،
ورغم تهديدات المعلم،
وتحت صياح الأطفال،
وبقلم من كل الألوان،
يروح على اللوح الأسود من البؤس،
يرسم وجه السعادة.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved