Wednesday 20th March,200210765العددالاربعاء 6 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الإسراف: الداء والدواء!!!الإسراف: الداء والدواء!!!

إنّ الإسراف مشكلة متعددة الجوانب والاشكال، في مجالات الغذاء واللباس والأثاث والسلع الكمالية.
والإسراف في الغذاء لايقتصر على الاستهلاك، بل يمتد ليشمل بعض السلوكيات المرتبطة به.
وفي هذا الصدد تشير بعض الدراسات التي اجريت في بعض الدول الخليجية ان مايلقى ويتلف من مواد غذائية ويوضع في صناديق القمامة كبير الى الحد الذي تبلغ نسبته في بعض الحالات 45% من حجم القمامة.
وفي مدينة الرياض اظهرت دراسة اعدتها امانة الرياض عن نفايات المدينة أن كمية النفايات اليومية لكل فرد من نفايات المواد الغذائية تبلغ اكثر من 1060 جراما.
اما الانعكاسات المترتبة على الاسراف الغذائي من الناحية الاقتصادية، فتبرز في الابعاد التالية:
أولاً: هناك سلوكيات اقتصادية كثيرة في المجتمع تمثل عبئاً اقتصادياً يمكن تخفيفه، وتُعدُّ سلوكيات التخمة وإدمان الشراء والاستهلاك الشره والاسراف الغذائي امثله لتلك السلوكيات.
ثانياً: ان اوجه الصرف الباذخ وغير الضروري ينبغي على الافراد والاسر والمجتمعات اعادة النظر فيها للتخلص من الانماط البذخية والاستهلاكية المفرطة المتمثلة في مناسبات افراح او مآتم او اعياد او في ليل رمضان المشبع بكل اصناف الطعام والوان الغذاء.
ثالثا: من المعروف اقتصادياً أن أنسب وسيلة لتقريب القرارات الاستهلاكية للافراد هي الرشد الاقتصادي في الشراء .
رابعاً: ان ظاهرة الاسراف الغذائي وتخمة الاستهلاك وعادة الصرف غير الموجّه، من العادات الخاطئة، وساعد على انتشارها بروز العقلية الاستهلاكية في المجتمع وشيوع الثقافة الاستهلاكية بين الافراد، الى جانب اغراق السوق بصنوف الكماليات والاعلان عنها بطرق مثيرة، الى جانب غياب الوعي الاستهلاكي.
وللاسف، فان اكثر مايشغل تفكير العقلية المستهلكة هو توفير الاحتياجات المادية واقتناء كل مايستجد عرضه في الاسواق.
ان عالم اليوم بكافة دوله، متقدمة كانت او نامية، تسوده ظواهر الاسراف الغذائي وحمى الاستهلاك والنهم الاستهلاكي، حيث صار الانسان المعاصر مجرد اداة استهلاكية لاهم له الا ان يقتل نفسه جهداً ليزيد دخله ويحصل على مايشتري من ادوات استهلاك مادية وغير ضرورية تفرضهما على تفكيره وسائل الاعلام وفنون الإعلان، بزعم انها مقاييس للمكانة الاجتماعية ومصادر للهناء الفردي وقد أدى ذلك الى تداعي القيم الخلقية وانتشار القلق وشيوع اسلوب البذخ وامراض التخمة والسمنة، وكل ذلك يُعدُّ تبديداً للثروة وضياعاً للفائض.
اما كيف يمكن تحقيق التوازن الغذائي اثناء الشراء سداً لباب تبديد الثروة ومنعاً لضياع الفائض فان من المعلوم بداهة ان من اهم مظاهر الضياع في الموارد الاستهلاكية هو الخسارة الاقتصادية الناجمة عن الجهل والخرافة في شراء الضروريات والحاجيات والكماليات.
فالعادات الشرائية تميل لأن تكون ثابتة مهما كانت خاطئة، فغالباً مايقوم استهلاك الفرد على اساس عشوائي مرتجل لاعلى اساس رشيد.
إننا اذا استطعنا تعليم المستهلك الاصناف التي تعطي قيمة غذائية افضل وبأقل نفقه، فاننا نوفر الكثير من العمل الانتاجي.
ثم ان عملية الشراء ليست سهلة، كما يظن بعض الناس، بل تحتاج الى تفكير ودراية.
إن قرارات مثل كم من النقود مع الاسرة معدة للشراء؟ ومانوعية الاطعمة التي تشترى؟ ومن أي الاماكن تشترى الاحتياجات؟ وكيف تخزّن هذه الاطعمة؟!!
ان هذه القرارات تؤثر على افراد الاسرة، لذا لابد من التفكير العميق والخبرة والمقارنة بين الاثمان والانواع ليكون قرار الشراء صائباً حكيماً.
ومن ثم، فأول ماينبغي مراعاته اثناء عملية الشراء هو عدم الشراء أكثر من الحاجة، اي شراء كميات الغذاء اللازمة فقط، لتجنب التلف لما يزيد عن الحاجة، كما ينبغي الشراء من المحلات النظيفة التي تتبع التعليمات الصحية في العرض والتغليف والبيع.
فقد ادى التقدم التقني والاجتماعي والاقتصادي الى ظهور الاسواق المركزية التي سهلت للمشتري اختيار وشراء ما يطلبه من الاطعمة بالنوعيات التي يحتاجها وتناسب اقتصادياته.

د. زيد بن محمد الرماني
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved