Wednesday 20th March,200210765العددالاربعاء 6 ,محرم 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

من الذي يحتاج إلى تحسين صورته؟من الذي يحتاج إلى تحسين صورته؟
د. فهد بن إبراهيم بن عبدالعزيز آل إبراهيم

كثُر الحديث في الغرب عن الإسلام عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وامتلأت أعمدة الصحف الأمريكية بمقالات وتحليلات عن الإسلام والمجتمعات الإسلامية، كما ازدادت الكتب التي تتحدث عن الإسلام والمسلمين، ولكن هذا السيل من الكتابات لم يكن ليعرض الإسلام في صورته الصافية النقية؛ إنما هي حملة شعواء على مبادىء الدين الإسلامي والمجتمعات الإسلامية بعامة، والمجتمع السعودي بخاصة، ومحاولة تضليلية ماكرة، تقودها إرادة الإعلام الصهيوني التي لا تسمح لأي كاتب مهما علا قدراً وعلماً أن يدافع عن الإسلام أو المسلمين.
يلتقط الغربيون بعضاً من صور الحياة الاجتماعية في المجتمعات الإسلامية، ويسلطون الأضواء عليها محاولين النيل من مبادىء الإسلام والحط من قيم المجتمع الإسلامي، فتأخذ الغيرة فريقاً من أبناء المسلمين للتصدي لهم والدفاع عن الإسلام، ومحاولة تصحيح المفاهيم المغلوطة لدى الغرب، ولكن شعورا بالهزيمة يخامرالبعض أمام هذه الحملات المتواصلة، وذلك لضعف أداة الإعلام الإسلامية وقوة أداة الإعلام الغربية وسيطرة الصهيونية العالمية عليها، فتكون النتيحة استمرار الصورة المشوهة للإسلام لدى المتلقي الغربي.والذين يحاولون الدفاع عن الإسلام أو تحسين صورته في أعين الغرب بعد أحداث سبتمبر لا يتجاوز عملهم هذا عمل مَن يضع الإسلام في قفص الاتهام، ولكن الإسلام ليس جديدا على الغرب، الدنمرك تغلق سفارتها في زيمبابوي
فالدراسات الإسلامية الغربية المتخصصة مهما اختلفت أهدافها وغاياتها ليست وليدة الساعة إنما هي قديمة قدم الاستشراق.
ومن المؤلم حقا أن تصيب الهزيمة فئة من المثقفين العرب والمسلمين الذين عاشوا فترة في الغرب، ورأوا كيف توجه الأداة الإعلامية الرأي العام، وعرفوا مدى انغلاق المجتمع على إعلامه، وتبين لهم مَن المسيطر على وسائل الإعلام، فلم يمنعهم ذلك من السعي إلى الغرب للدفاع عن الإسلام في محاولة هزيلة لإثبات أن مبادئه شبيهة بمبادىء الغرب، وأن ليس هناك ما يدعو إلى القلق من الإسلام إذ لا فرق بين مبادىء الإسلام وقيم الغرب، ولكن غاب عن هؤلاء أن مبادىء الإسلام تختلف اختلافا كبيرا عن قيم الغرب، وإن تشابه بعضها في الشكل فإنها تختلف في الجوهر، وليس من العدل المقارنة بين مبادىء الإسلام السماوية وأهواء البشر الأرضية.
إن الغرب الذي ينادي بالحرية والإخاء والمساواة ويفاخر بالديموقراطية سرعان ما تبين زيف دعواه وازدواجية معاييره، فهو لا يريد الإسلام الذي يكافح الاستعمار كما يكافح الشيوعية، ولا يريد الإسلام الذي يحكم الحياة في جميع جوانبها؛ وإنما يريد مجتمعاً إسلاميا يصطبغ بالصبغة الغربية، أو بعبارة أدق يريد من المسلمين أن يتخلَوا عن دينهم ومبادئهم، ويقطعوا الصلة بملتهم ويتبعوا ملة اليهود والنصارى.
فالغرب الذي يدّعي أنه صاحب مبادىء إنسانية رفيعة، ويفاخر بها، يزعم أنه الجدير بقيادة العالم، وأن سعادة العالم لا تكون إلا في اتباعه والسير على منهجه، ثم يحاول أن يخضع العالم لسلطانه بالحديد والنار، ويصادر الحقوق الدينية والتاريخية والقومية والجغرافية والاقتصادية تحت مظلة العولمة، ويمارس ضغوطه على الدول الإسلامية والعربية، في الوقت الذي يدعم فيه الاحتلال اليهودي في فلسطين، مستغلا لتحقيق ذلك ما يملكه من ترسانة عسكرية قاهرة وسيطرة اقتصادية مستحكمة وأداة إعلامية مؤثرة.
إن الإسلام لا يحتاج إلى من يحسِّن صورته لدى الغرب؛ بل الغرب في حاجة إلى أن يحسِّن صورته لدينا؛ فإن مآسينا لم تأت إلا من الغرب وبدعم الغرب.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved