* القاهرة مكتب الجزيرة محيي الدين سعيد:
أكد عدد من رجال الفكر والقانون وممثلي المنظمات الحقوقية في مصر وعدد من الدول العربية ان اهم تأثير لأحداث 11 سبتمبر الماضي يتمثل في صدور تشريعات تؤثر على الحقوق والحريات والإعلام في الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من دول العالم الثالث.
جاء ذلك في احتفال البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان ليلة أمس باليوم العالمي للمدافعين عن حقوق الإنسان الذي عقد بمقر نقابة الصحفيين المصريين.
رصد البرنامج تعرض أكثر من ثمانين ناشطاً في مجال حقوق الإنسان في العام الماضي من تسعة بلدان عربية للانتهاك المباشر لحقوقهم من قبل السلطات ما بين الاعتقال والمحاكم والاعتداء البدني والسجن واغلاق المؤسسات ومصادرة المطبوعات والوقف عن العمل والمنع من السفر.
وذكر البرنامج من هذه الحالات اعتقال عدد من ناشطي حقوق الإنسان في تونس ومنع البعض الآخر من السفر واعتقال بعض الناشطين في الأراضي المحتلة واغلاق بيت الشرق ومصادرة وثائق بالمخالفة لاتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين تحت الاحتلال.
من جانبه أكد هيثم المالح المحامي ورئيس جمعية حقوق الإنسان السورية ان الارهاب قد يكون فكريا أو سياسيا أو اقتصاديا كما تفعل الولايات المتحدة تجاه دول العالم.
وشدد على ان وعد بلفور ومعاهدة سايكس بيكو والجرائم البريطانية في فلسطين وغير ذلك يعد من الاعمال الارهابية.
ووصف الولايات المتحدة بأنها شريك في قتل الشعب الفلسطيني مشيراً إلى ان الأمة الأمريكية هي هجين بدون تراث وان أمريكا موغلة في استغلال القوة والعنجهية والارهاب وانها دائما تسعى لاختراع عدو لتبرير سياساتها تجاه شعوب العالم.
وأضاف ان امريكا مصابة بالنفاق وتستخدم حقوق الإنسان كقميص عثمان، فهي تظهرها في وجه الدول التي تختلف معها في مصالحها وتسكت عنها في مواجهة الدول التي تخدم مصالحها في مختلف مناطق العالم مشيراً إلى ان أمريكا تدعم الارهاب الصهيوني في الأراضي العربية المحتلة.
وربط بين أفعال أمريكا والشعار الذي رفعه هتلر بأن ألمانيا فوق الجميع، مشيراً إلى الشعور الأمريكي بالقوة وتكريسها وقال ان امريكا بدأت تسن القوانين والتشريعات التي تهدر حقوق الإنسان وتخطف الناس في أفغانستان وتسخر إعلامها لتبرير الأعمال الاجرامية لشارون.
وقال المالح: كنا نأمل ان يسود منطق الحق على منطق القوة يوما ما إلا ان أحداث 11 سبتمبر جاءت لتكمم الأفواه وتكبل الأيادي مؤكدا انه حتى أوروبا لا تستطيع ان تقف أمام البلدوزر الأمريكي.
ودعا المالح إلى الدفاع عن حقوق الإنسان محذراً من انها تمر بمرحلة خطيرة حاليا وان العالم اليوم في أشد الحاجة لتحكيم العقل واجراء حوار حضاري لانقاذ الجميع من المنحدر الذي يسير العالم نحوه.
وأشار الدكتور محمد شومان استاذ الإعلام بكلية البنات جامعة عين شمس إلى ان المناخ المتوتر الذي واكب أحداث مدينتي واشنطن ونيويورك أدى إلى نوع من التهميش للحقوق المدنية والحريات العامة لصالح دواعي الأمن في الولايات المتحدة ودول العالم وتبع ذلك اتخاذ سلسلة من الإجراءات التي شكلت انتهاكات واضحة لحقوق الإنسان وهي القضية التي تم تجاهلها تحت دواعي الأمن ولم تأخذ الاهتمام الكافي في وسائل الإعلام الأمريكية.
وأضاف: ان ما حدث في 11 سبتمبر تزامن مع صعود واضح في قوى اليمين سواء في السياسة أو الاقتصاد في المجتمعات الغربية وترافق ذلك مع مناخ القلق الذي أدى إلى عمليات تزييف واسعة في الوعي وصل إلى القول بأن جميع المواطنين في أمريكا يؤيدون اتخاذ اجراءات ضد شعوب أخرى أو ضد لاجئين في بلادهم وروجت وسائل الإعلام الأمريكية بطريقة غير أمينة لفكرة التضحية في مقابل تحقيق الأمن.
وأوضح الدكتور شومان ان من ضمن أهم آثار أحداث سبتمبر احتلال مسألة الحرب على الارهاب وهي غامضة وغير محددة الأهداف قمة اولويات كثير من دول العالم بما سمح بتهيش قضايا حقوق الإنسان وغيرها لصالح التوظيف السياسي لمقولة الحرب ضد الارهاب.
واستطرد قائلاً: انه في كثير من دول العالم الثالث سعت الحكومات إلى توظيف مقولات الحرب ضد الإرهاب للعصف بالهامش الديمقراطي المتاح.
وأضاف: ان المناخ الذي تمثل في صعود اليمين والتوتر أدى ضمن آثار أحداث سبتمبر إلى خلق ضغوط وقيود إدارية وقانونية وبوليسية وسياسية على كافة النشطاء والجمعيات غير الحكومية التي تعنى بحقوق الإنسان واللاجئين.
ولفت إلى ان ذلك أثر أيضاً على الحركة العالمية المناهضة للعولمة ودلل على ذلك بأن التظاهرات ضد العولمة أصبحت أقل حدة نتيجة مناخ التضييق والملاحقة.
وأثار الدكتور شومان الحديث عن تأثير أحداث 11 سبتمبر على الإعلام مشددا على الأهمية البالغة للإعلام ومدللاً على ذلك بمعرفة شعوب العالم لما حدث في 11 سبتمبر من خلال الإعلام وقال: لقد أدركنا ما جرى في العالم عبر الإعلام وهذا الادراك لم يكن دقيقا ولم تكن عملية نقل الصورة والأحداث خالية من الهوى والتحيز.
وأشار إلى ان هناك ردة إعلامية وقال انها ليست في الكم ولكن في الموضوع وليست في الفيض الهائل من الأخبار والتقارير ولكن في مسألة التوعية والتعددية.
وأضاف ان هناك انتقائية تهدف لتحقيق اغراض معينة وتتعمد خلط وتشويه الآخر، مشيراً إلى قيام البنتاجون بوضع قيود على نقل الأخبار في حرب افغانستان الأخيرة وإنشاء مركز لاختلاق الشائعات وترويج الأكاذيب.
وأكد ان هناك عملية منظمة لتزييف الحقائق وتصوير ما يجري في العالم بصورة أحادية الجانب مشيراً إلى ان عدم وجود أصوات بارزة معارضة في الإعلام الغربي تتحدث عن حقوق الإنسان وحقوق المدنيين في أفغانستان.
وأبدى الدكتور شومان دهشته من عدم توافر الوضوح والشفافية في نقل الأحداث في الوقت الذي تتعدد فيه وسائل الإعلام ويعيش العالم عصر عولمة الإعلام وثورة الاتصالات.
ورصد ظاهرة ما يمكن ان يطلق عليه الارهاب الإعلامي وعرفها بأنها هيمنة مجموعة من الشركات متعددة الجنسية والقنوات التلفزيونية على مصادر المعلومات وتعمل على تقديم صور مشوهة تدعو لممارسة العنف أو التحريض على الكراهية.
وذهب الدكتور عماد جاد الخبير بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إلى ان فهم آثار أحداث 11 سبتمبر على مجمل التطور الديمقراطي في العالم وحركة حقوق الإنسان يستدعي العودة إلى نهاية العقد التاسع من القرن الماضي حيث نهاية الحرب الباردة وانهيار المعسكر الاشتراكي بدون حرب وصعود المعسكر الرأسمالي لتجعل هذه الأحداث النموذج الديمقراطي الليبرالي الغربي هو النموذج الذي ينبغي ان يسود وان يحتذى به في كل العالم.
وأشار إلى ان دول هذا النموذج هي التي كانت تمتلك القوة التي تمكنها من اصدار التقارير عن حالة حقوق الإنسان والحريات في العالم.
وأكد ان أحداث 11 سبتمبر جاءت لتترك تأثيرات عميقة على النموذج الليبرالي نفسه الذي كان يتم تقديمه كمقياس للنظم في العالم.. ودلل على هذه التأثيرات بالاعتقالات والتوسع في التصنت وقوانين الاشتباه في الولايات المتحدة.
وأشار إلى ان النموذج الأمريكي الذي كان يقدس الحرية الفردية بات يفرض القيود عليها موضحا ان هذه القيود طالت في الاجمال المواطنين من أصول عربية وإسلامية.
|