* مصيبة أن ننتظر الكوارث حتى نتعلم منها، ومصيبة أعظم أن تمر الكوارث دون أن نتعلم منها!!
* وهذا للأسف ما سيحدث إزاء كارثة المتوسطة 31 بمكة المكرمة إن لم تتم إعادة هيكلة الرئاسة واستقالة جميع المسؤولين عن الكارثة صغيرهم وكبيرهم وإن لم يتم التطبيق العملي لخطابات سمو ولي العهد التي تشير بكل صدق ووضوح وإخلاص إلى محاسبة كل مسؤول مهمل أو متهاون أو غير مبالٍ بمصالح البلاد والعباد،
* وللأمانة والموضوعية فإن الرئاسة (رغم تقصيرها الواضح من كافة الجوانب) لا تتحمل بمفردها سوء المباني المدرسية (علماً أن المباني الحكومية لا تقل رداءة عن المستأجرة!!) وضعف الصيانة وعدم تنفيذ الحد الأدنى من تعليمات السلامة واكتظاظ المدارس والفصول بما يفوق قدراتها الاستيعابية، إذ إن من الأسباب الرئيسية لذلك الوضع المتردي ضعف المخصصات المالية لبنود المشاريع والصيانة في ميزانية الرئاسة وذلك كما هو الحال في ميزانية وزارة المعارف التي إن لم تدعم بصورة كبيرة مع رقابة صارمة ومحاسبة دقيقة لأوجه صرفها فسوف تستمر الأجيال تتعلم في أجواء غير صحية وغير آمنة!!
وتلك مشكلة أخرى تضاف إلى مشاكل ضعف المناهج وعدم الاختيار السليم للمعلمين وتطويرهم والتي تناولناها كثيراً بهدف الوصول إلى جملة واحدة هي: «نظامنا التعليمي في خطر» ولن تجد معه نفعاً الحلول التلفيقية والترقيع، فهو بحاجة إلى وقفة صادقة ومخلصة وشجاعة تتبنى استراتيجية شاملة لمواجهة الأزمات التي يعاني منها نظامنا التعليمي ولو أن مجلس الشورى تخلى عن مهامه كافة وتفرغ لصياغة مثل هذه الاستراتيجية ومتابعة تنفيذها فسوف يقدم للمجتمع خدمة تفوق بمراحل جميع الخدمات التي يقدمها الآن،
* وكما تحتاج أزمة المدارس الآيلة للسقوط (والاحتراق) إلى استراتيجية شاملة بعيدة المدى فإنها تحتاج إلى حلول سريعة أشار إليها سمو ولي العهد حفظه الله عبر التوجيه الكريم بالدراسة السريعة والحاسمة لموضوع بناء رجال الأعمال للمدارس واستئجار الدولة بها بموجب نظام الإيجار المنتهي بالتمليك، ومن الضروري فتح المنافسة أمام كبريات شركات المقاولات المحلية والأجنبية وبحيث تتضمن المناقصة بناء أكبر عدد ممكن من المدارس، وصولاً إلى خفض التكاليف وسرعة حل أزمة المباني المدرسية، علماً أن هناك من طالب بإلحاح بإغلاق ذلك المجال أمام المستثمرين الأجانب!! لاعتبارات و«مصالح» مختلفة ومنها أن الاستئجار المنتهي بالتمليك من مستثمرين أجانب أشبه بالقروض الخارجية التي ترفع الدين العام المرتفع أصلاً، وهذا كلام صحيح ولكن لو تم بناء مجموعة كبيرة من المدارس بموجب مناقصة عادلة ومفتوحة فسوف يتم التعاقد بمبلغ قليل مقارنة بإجمالي دخل الدولة ويوازي ما يتم صرفه حالياً في الاستئجار العشوائي لمبانٍ متهالكة والفرق هو أن المدارس بالصورة المقترحة ستؤول إلى الدولة، أما المدارس بالصورة الحالية فهي آيلة للسقوط!! كما أن ذلك المبلغ هامشي مقارنة بما يتم صرفه في مشاريع أخرى أقل أهمية من سلامة فلذات الأكباد التي يجب أن تعطى أولوية قصوى وأكثر من أي شيء آخر،
* أما الذين رفضوا بناء الأجانب للمدارس لأسباب «تربوية» فإن لم يكن رفضهم مبنياً على سوء فهم فإنهم تجاهلوا أن المقاول هو مجرد منفذ للتصميم الذي ترغبه الجهة المعنية بالمشروع،
* وأخيراً فإن المطالبة بقصر بناء المدارس على المقاولين السعوديين دعماً لهم قد تكون في محلها بشرطين رئيسين هما أن تكون أغلب العمالة التي ستنفذ المشاريع سعودية وقبل ذلك وأهم منه وجود عدة شركات محلية متخصصة وذات إمكانيات عالية ويمكن أن يؤدي التنافس بينها إلى خفض التكاليف ورفع الجودة دون الحاجة إلى المنافسة الأجنبية وحيث إن هذه الشروط غير متوفرة وفي ظل الأزمة الخطيرة للمباني المدرسية الحكومية والمستأجرة فإننا يجب أن نرحب بالحل سواء جاء من شركة سعودية أو أجنبية أو حتى من المريخ!!
|