رسالة عزاء أبعث بها إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش، والى الشعب الأمريكي كافة وعلى رأسه أرملة الصحفي الأمريكي دانيال بيرل الذي قتل على أيدي خاطفيه.
فخامة الرئيس الأمريكي جورج بوش
أبناء الشعب الأمريكي
السيدة أرملة الصحفي الأمريكي دانيال بيرل
السادة منسوبو الصحافة والإعلام في أمريكا والعالم
تلقيت بأسى بالغ خبر مقتل الصحفي الأمريكي من قبل خاطفيه في باكسان، وإني أدرك مدى الحزن والألم الذي أصابكم، وأدرك أن الأداة التي قتلت المغدور إنما أصابت مهنة الصحافة ومنسوبيها في كل مكان، ولا أخالف الحقيقة في قولي بأن تلك الأداة قد أصابتني أنا أيضا، إذ قُتل بريء عانى الكثير من قسوة الاختطاف وسلب الحرية والإرادة.
لقد استقرت قصة مقتل هذا الصحفي في ذاكرتي، واستقرت أحداث اختطافه في وجداني، فحركت شريط ذكريات تاريخ الشعب الفلسطيني منذ عام 1936م وحتى يومنا هذا، ذلك الشريط الدموي الحافل بالجرائم الإسرائيلية على مرأى من العالم أجمع، سُلبت أراضيه وقُدمت لليهود المشردين من كافة أنحاء العالم، وعلى أنقاض فلسطين أقاموا لهم دولة سموها إسرائيل، فتشرد صاحب الأرض وتشتت في أرجاء المعمورة منذ عام 1948م، وما زال حتى الآن يعيش مأساة القتل والهجرة والتشرد والحرمان.
قرأت في الأخبار أن أبَوَيْ دانيال بيرل يهوديان، وأنه زار إسرائيل، وربما كان كما الآخرين من أمثال زعيم حزب شاس عوفاديا يوسف يطالب بسحق الفلسطينيين وحرقهم، ومع كل ذلك أؤكد أن الأداة التي قتلته قد أصابتني، كما أصابتني كل الرصاصات والقذائف الإسرائيلية التي تنطلق من البحر والأرض والجو يومياً وعلى مدار الساعة على الشعب الفلسطيني الأعزل، ومع الأسف الشديد بضوء أخضر منك أنت يا فخامة الرئيس، نعم، بطائراتك، ودباباتك، وجرافاتك، ورصاصاتك، يتفنن جيش الاحتلال الإسرائيلي في قتل أبناء الشعب الفلسطيني (ليس فقط النساء والشيوخ والأطفال وإنما أيضاً الأجنة التي في البطون)، ويتفنن في قلع الأشجار، وتدمير البنيان، حتى الطيور هجَّروها، والله لقد شاهدت على شاشة التلفزيون تلك الحمامة البيضاء وهي ترفرف بأحد جناحيها في سماء حي الشجاعية بغزة بينما ارتخى الجناح الآخر بسبب الإصابة والدماء تسيل منه.
وإني يا فخامة الرئيس، وأنا أبعث بتعزيتي لك، وللشعب الأمريكي ولأرملة بيرل، ولوالديه حيثما كانا في أمريكا أو فلسطين المغتصبة، ولمنسوبي الصحافة في كل مكان، أطالبكم جميعاً بتقديم التعازي لشعب الفلسطيني في شهدائه الأبطال في انتفاضته الحالية المجيدة، بدءاً بالشهيد «محمد الدرة»، وانتهاء بشهداء الأمس «الأم الفلسطينية وأبنائها الثلاثة وطفلين آخرين معهم» ومروراً ب«الألف وثلاثمائة» شهيد فقط منذ 28 سبتمبر 2000م حتى الآن، ،أطالبكم جميعاً بتقديم الدواء والعلاج الكامل لأكثر من أربعين ألف مصاب ومعاق في الفترة نفسها، ،أطالبكم جميعاً بمحاكمة مجرم الحرب شارون على جرائمه التي ارتكبها وما زال يرتكبها حتى الآن ضد الشعب الفلسطيني البريء، وأطالبكم جميعاً بمد يد العون والوقوف خلف الصامدين المرابطين على أرض فلسطين حتى يتمكنوا بسواعدهم الأبية من إخراج اليهود من فلسطين كلها، وتقرير مصيرهم بأنفسهم، وإقامة دولتهم الفلسطينية المستقلة على تراب فلسطين كل فلسطين، فأنا يا فخامة الرئيس أنتمي إلى أسرة فلسطينية مهاجرة من أرض الآباء والأجداد الذين قُتل أغلبهم، والباقي شُرّد وأُبعد عن أمواله وممتلكاته ليستولي عليها اليهود ظلماً وعدواناً، فبلدة «أسدود» يا فخامة الرئيس أرض جدي لأبي و«يافا» أرض جدتي لأبي، وبلدة «بيت دراس» أرض أجدادي لأمي، وهكذا حال كل بلدة ومدينة وشارع في فلسطين ملك لنا نحن، لن نقبل بغير فلسطين بديلاً، وليس لغيرنا فيها مكان، وعلى هذا الغير أن يرحل إلى حيث أتى.. فنحن يا فخامة الرئيس أصحاب حق مسلوب، وسنواصل الجهاد والكفاح والنضال وسنقدم التضحيات تلو التضحيات حتى استعاده حقوقنا كاملة غير منقوصة بإذن الله تعالى.. والله وحده المستعان.
|