تأخرت في الكتابة عن مبادرة سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بأمل الحصول على معلومات أكثر دقة وشمولية عن بنود المبادرة التي أجزم أن لاأحد سوى القيادة السعودية يعرف تفاصيلها وبنودها والنص الكامل لها.
ومع هذا فإن المبادرة أصبحت محل اهتمام الجميع وكسبت تأييد كل القوى الدولية والإقليمية دون إغفال محاولات التهويش إلا أن المبادرة حظيت بالقبول والتأييد عربياً وإسلامياً وأوروبياً وأمريكياً، وهو ما يعطيها نجاحاً يسبق حتى الكشف عن تفاصيلها، فالمبادرة لايزال نصها في مكتب الأمير عبدالله بن عبدالعزيز إلا أن ما ذكر عنها وما ترشح بدءاً بالذي ذكره الكاتب الأمريكي توماس فريدمان مروراً بالرؤساء والوزراء والمسئولين الدوليين الذين التقوا سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز يمكن تكوين صورة تقريبية للمبادرة التي ستتضح بنودها عند طرحها على القمة العربية في بيروت تمهيداً لإطلاقها كمبادرة عربية تستند على انسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي العربية التي احتلتها إسرائيل يوم 5 حزيران في عام 1967 أي الانسحاب من الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان ومزارع شبعا وتطبيق قرارات الأمم المتحدة.
ولأن بنود المبادرة لم تعلن، ونصها الذي سيقدم للقمة لم يطلع عليه أحد، فإن العديد من الاجتهادات التي كان بعضها خاطئاً لتسرع الإخوان العرب كعادتهم فقد أحدثوا بعض اللبس والتشويه عن عمد.. أو عن حسن نية، أوعن غباء..!!
واللبس والاجتهادات التي كانت متسرعة تنحصر في رأيي المتواضع في نقطتين هما:
1 التطبيع، فالأمير عبدالله بن عبدالعزيز ربط بين انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة وتنفيذها قرارات الأمم المتحدة واعتراف الدول العربية مجتمعة بإسرائيل.
وهذا برأيي ليس بجديد، فالعرب ومنذ مؤتمر مدريد قد اعتمدوا السلام خياراً استراتيجياً وأن الذي يعتمد السلام فلا بد أن يتبعه اعتراف متبادل، وجميع العرب يعرفون ومقتنعون بأن نهاية العملية السلمية اعتراف متبادل، وما كان العرب لا يريدون قوله رغم تأكد الجميع منه، قاله الأمير عبدالله بوضوح: انسحبوا من جميع الأراضي العربية المحتلة، ونفذوا قرارات الامم المتحدة نعترف بكم.
2 عودة اللاجئين: والحديث عن هذا الموضوع الحساس ليس من صالح المبادرة ولا من صالح الفلسطينيين بالذات فالمبادرة تتحدث عن وجوب تنفيذ إسرائيل لقرارات الأمم المتحدة والذين يتحدثون عن اللاجئين تناسوا عن قصد أو غباء أو سوء نية أن هناك قراراً يحمل الرقم 194 يحدد الرأي القانوني والشرعي والدولي لمعالجة هذه المسألة وفصل الحديث عن اللاجئين وجعله بنداً فرعياً في المبادرة يضعفها ويدخل المبادرة في مجادلات فرعية.
عموماً المبادرة تكتسب كل يوم دعماً ومساندة وتأييداً فلسطينياً وعربياً ودولياً والذي يهمني ويهم كل مواطن عربي هو الرأي الفلسطيني، وفي هذا المعنى يقول الدكتور نبيل شعث إن مبادرة الأمير عبدالله هي الأكثر تناسباً مع الاحتياجات الفلسطينية الحالية. وهذا ما يسعى إليه الأمير عبدالله بن عبدالعزيز.. وهو تواصل مع المبادئ السعودية التي لايمكن أن تقدم على أي شيء لايلبي حاجة الفلسطينيين ويعيد حقوقهم الشرعية.
|