Saturday 9th March,200210754العددالسبت 25 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لما هو آتلما هو آت
التبشير الحديث
د. خيرية إبراهيم السقاف

من ضمن الأساليب المبكرة للتبشير، في حين لم تكن أساليب الاتصال بين الإنسان والآخر تتجاوز الزمن والمكان كما هو الآن الامتزاج الكلي وجدانياً مع العناصر المراد جلبها إلى الدين المسيحي.. ومن ضمن تفاصيل هذه الأساليب في الامتزاج هو إسباغ العطف، والمؤازرة، وتقديم العون والإمداد المادي والمعنوي وعلى وجه الخصوص عند اختيار المراد تبشيرهم من الطبقات الفقيرة، غير الواعية، التي تتخذ هذه السمات فيها عاملاً أساساً للدخول إلى«قلوبهم» ومن ثَمَّ إلى عقولهم فإكسابهم القناعات اللازمة كي تتحول عقائدهم، أو تتكون وفق المراد لها بوصفهم الفئات الغالبة.. ولقد شاهدت شخصياً بعض عناصر الدهاء لدى بعض المبشرين وهم يتولون فئات شرقية فقيرة بعطفهم فيبنون لهم المساكن من الأخشاب والأشجار، ويلونونها لهم بالخامات الفطرية كبياض البيض مثلاً، ويزودونهم بالكساء على زهادته، وبالغذاء الضروري.. فماذا يكون من أمر هؤلاء إلا أن يميلوا لكل من يشعر بهم..، وتطورت أساليب التبشير تطوراً هائلاً..، وأخذ التبشير ينحرف في أساليبه إلى أنماط بالغة الخطورة لعل أهمها الهيمنة على «جاذبية» الناس إلى أساليب الاتصال السريعة التي تتجاوز في لمحة البصر حدود الزمان والمكان بما يربط الانسان بالإنسان في شكل يجعل العناصر الضعيفة« علمياً» و«تقانياً»، وفكرياً، و... و... تنبهر فتنجذب إعجاباً وتقديراً ومن ثم تميل كل الميل إلى الدخول في «الامتزاج» الذي تحقق الآن عن طريق مؤثراته الحديثة ليس عن طريق الالتقاء المباشر، ولا الامداد المادي المعلن، ولا تقديم الكساء والغذاء للأجساد بل عن طريق الالتقاء غير المباشر، والإمداد النفسي والعقلي الخفي، وتقديم كساء الأذهان والمشاعر وغذائها بشكل «ضاغط» ومكثف.. الأمر الذي نجد الجاهلين بدينهم أضعاف الواعين به، والمتأثرين منهم بكل ما يأتي به التبشير المبطن المغلف برداء العولمة، والإنترنت، والكمبيوتر، و.... و.... يزداد عددهم، وهم مُبَشَّرون باطنياً، مسلمون خارجياً..
من هنا استلَّ منهم من استلَّ أقلامهم، وبدأوا مخدَّرين بريح الفكر التبشيري يلوكون في رموز الدين الإسلامي وهم لا يدركون أن ذلك ضدهم وليس لهم وأنه أمر يضعفهم ولا يقويهم، وأنه ينم عن جهلهم وليس عن وعيهم...، ومن ضمن هذي الرموز في الوجه المحدد شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإسلام بشكل عام، بما يدعو إلى وثبة مضرية للتصدي لهذه الحملات بأساليب مماثلة، بثقة كبيرة، وعن الواعين حقاً، والمدركين لأبعاد أساليب وطرق وأنماط التبشير الحديث.
هذه الوثبة تستدعي التفكر في الاستفادة من علماء الإسلام الذين بدأوا في الأونة الأخيرة يتقلصون..، وبدأت مع تقلصهم مؤشرات علامات آخر الزمان، حين يموت العلماء، ويخشى أن يختفي العلم في صدور الناس..
فسيف الزمن بتَّار...
والحاجة إلى الوعي بهذا الأمر ملحة..
اللهم فاشهد.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved