Saturday 9th March,200210754العددالسبت 25 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

عدد من أهالي وأُسر ضحايا القطار المنكوب يعبِّرون لـ«الجزيرة» عن مواقفهم المحزنةعدد من أهالي وأُسر ضحايا القطار المنكوب يعبِّرون لـ«الجزيرة» عن مواقفهم المحزنة
أم مكلومة: ولدي الوحيد كان يرغب في الزواج والقطار خطف فرحته
إحدى الزوجات: فقدت ابني وزوجي وخمسة من أفراد أسرتي ولم أجد جثة أحد منهم
أحمد سيد:بحثت عن ولدي محمود في كل المستشفيات وداخل القطار المنكوب

  * القاهرة عثمان أنور ومصطفى عبدالفتاح:
تتواصل خيوط الاحزان ولا تكف دموع أُسر ضحايا قطار الموت عن الانهيار، فكل اسرة جاءت باحثة عن ضحاياها تحمل معها قصتها المأساوية وسواء عثرت على جثة فقيدها ام لا فتمتزج الدموع حزنا على فراق الأقارب والأحباب ووسط الدموع والنحيب عاشت الجزيرة مع أسر الضحايا واستمعت الى مآسيهم.
أمام مستشفى العياط
امام مستشفى العياط حيث الحزن والأسى يلف الجميع التقينا بسيدة عجوز ترتدي جلبابا أسود ويلفها حزن اليم وعيناها زائغتان تروح وتجيء وتحملق في كل الوجوه بحثا عن ابنها وحيدها وكان يعمل نقاشا في القاهرة يحصل على أجره باليومية ويدخر منه ويرسل الى والدته في مطلع كل شهر.
وبعد ثلاثة اشهر من العمل المتواصل قرر الابن قضاء أول أجازة عيد بعيدا عن أمه لكن عاد وارسل من يخبرها بأنه سيقضي عيد الأضحى معها.
ولأن المبالغ التي حصل عليها قليلة ولا تكفي لشراء كل الأشياء قرر ان يوفر أكبر قدر من المال فاشترى تذكرة درجة ثالثة في القطار المشؤوم وبدلاً من الوصول لوالدته وقضاء إجازة العيد معها احترق وضاعت جثته وضاعت معالمها، وجاءت والدته مهرولة باكية تسأل عنه بمجرد علمها باحتراق القطار جاءت الأم وفي يقينها ان ولدها قد ركب قطاراً آخر ولكنه لم يأت في موعده، جاءت للقاهرة تنقلت بلهفة بين المستشفيات التي تم نقل الجثث والمصابين إليها فلم تجده فخرَّت باكية وسط الشارع وبين البكاء والنحيب قالت بصعوبة ولدي اسمه محمود عوض يبلغ من العمر 32 عاما لم يتزوج بعد يعمل نقاشا في القاهرة وقد تعودت بأن يقضي معي إجازة كل عيد وفي هذه الاجازة كا ن يرغب في قضائها بالقاهرة إلا انه عاد وقرر ان يقضيها معي في القرية، توفي والده وهو صغير وصممت على تربيته والتفرغ له وبعد ان شب عن الطوق تعلم مهنة النقاشة واصبح عاملاً ماهراً يذهب للعمل في القرى المجاورة وذات يوم منذ سنة ونصف السنة قرر العمل في القاهرة حيث الدخل مرتفع حتى يستطيع الادخار ليتزوج على ان أختار له عروسه من نفس القرية التي يقيم فيها وظل يأتي الي كل شهرين أو ثلاثة في نفس موعد وصول هذا القطار المشؤوم، وأرسل لي يقول انه سيأتي قبل وقفة عيد الأضحى إلا انه لم يأت، وعندما علمت بخبر القطار وجدت نفسي مسرعة مع غيري من الاهالي والأُسر للسفر الى مكان الحادث والسؤال في المستشفيات إلا أنني لم أجده حتى الآن.
فقدت أسرتي
ويتواصل خيط الحزن فها هي إمرأة أخرى ترتدي نقاباً يغطي وجهها بعدما هدأت قليلا اقتربنا منها وسألناها عما فقدته في الحادث الأليم فقالت فقدت ابني وزوجي وخمسة من أفراد أسرتي وأضافت كان زوجي وابني قررا السفر الى محافظة قنا لحضور حفل زفاف شقيق زوجي هناك وودعناهما في فرحة غامرة وهذه هي المرة الاولى التي يتركني فيها زوجي وابني في إجازة العيد واستقلا القطار مع بقية أفراد الأسرة وكانت عينا شقيق زوجي ترقص فرحا وتحلم بالعودة بعروسه إلى القاهرة، ولكن حال القدر دون هذه العودة ولم نستدل على أحد منهم والتهمتهم نيران القطار المشؤوم.
الأحزان تتواصل
ومن مستشفى العياط الى مستشفى أم المصريين لا تقل المأساة ولا تنتهي القصص الانسانية حيث الوجوه الباحثة عن ضحايا الحادث، التقينا أحمد سيد أحمد والد الشاب ممدوح ووسط دموعه قال نبحث عن ولدنا محمود فقد تحملنا مشاق السفر من بلدتنا بالصعيد بعد ان سمعنا النبأ الفاجع وأسرعنا جميعا بالحضور لأنه كان مقرراً ان يأتي ولدنا في هذا القطار بعد ان أبلغنا عن طريق التليفون انه سيأتي على هذا القطار، وقد وصلنا للقاهرة وكلنا أمل ان نجده وسط المصابين فلم نجده فأيقنا أن النيران قد التهمته ولا نملك إلا القول إنا لله وإنا إليه راجعون.
وعلى جانب المستشفى وجدنا أسرة كاملة تبحث عن عائلها ولا تكف عن البكاء والنحيب ويرددون اسم الأب مرعي محمد والذي كان يعمل بالقاهرة نجارا ويسافر مرتين في الشهر غير انه في إجازة عيد الأضحى قرر السفر للاحتفال به وسطهم غير ان القطار تسبب في عدم قضاء إجازة العيد مع أسرته الصغيرة لتصبح بلا عائل أو مورد رزق آخر.
وتقول وفاء ابراهيم جئت للبحث عن شقيقتي هدى فقد كانت في القاهرة منذ عشرة ايام فقط لحضور حفل خطوبة أحد أقاربنا بالقاهرة وعقب انتهاء الفرح صممت على العودة لقضاء إجازة العيد معنا في أسوان ولم تكن تنوي السفر في هذا القطار إلا أنها استقلته لعدم وجود أماكن في القطار المكيف ليكون قدرها الموت في هذا القطار.
وبجوار وفاء يقف رجل في حالة يرثى لها اقتربنا منه وعرفنا ان اسمه عبدالرحمن عبدالفتاح لا يصدق حتى الآن ما حدث يقول فقدت ثلاثة من أسرتي شقيقي الأكبر وزوجته وشقيقي الأصغر فالجميع كانوا على موعد مع قدرهم في هذا القطار وكان أشقائي بالقاهرة في رحلة علاج حيث يعاني شقيقي الأكبر من بعض الأمراض وذهبت معه وزوجته وشقيقي الاصغر نظرا لانشغالي ببعض الأعمال في قريتي في أسوان، وعندما علمت بالخبر المشؤوم أسرعت للقاهرة في محاولة للتعرف على جثثهم إلا انني لم استطع ذلك ولا أزيد إلا القول لا حول ولا قوة إلا بالله.
أما صابر عبدالباقي فيقول انتظرت شقيقي لمدة ستة أشهر ولكنه عاد جثة متفحمة، فقد كنت على أمل أن يأتي كي يقوم معي ببناء البيت وتجهيزه كي أتزوج وكان يعمل في أحد مطاعم القاهرة ويتغيب عنا لمدة طويلة، وقبل إجازة العيد قال انه سيأتي وقد ادخر بعض الأموال للمساعدة في بناء المنزل وانتظرته طويلاً وبعد مرور ستة أشهر وتأكدت منه أنه سيأتي في إجازة العيد وأخبرني انه سيستقل ذلك القطار وعندما علمت بالنبأ هرولت الى القاهرة وبحثت بجوار القطار وداخل المستشفيات الا أنني لم أجده ليشملنا الله بعطفه ورحمته.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved