Saturday 9th March,200210754العددالسبت 25 ,ذو الحجة 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رسالة من الرئيس مانديلا إلى توماس فردمانرسالة من الرئيس مانديلا إلى توماس فردمان

  عزيزي توماس.. أعرف تماماً وأنت كذلك مدى توقنا إلى السلام في الشرق الأوسط، ولكن قبل أن تستمر في الحديث عن الأشياء الضرورية من وجهة نظر إسرائيل فإنك تحتاج إلى معرفة ما يدور في ذهني. من أين أبدأ؟ ماذا عن 1964!
دعني أقتبس كلماتي نفسها التي قلتها خلال فترة محاكمتي. إنها كلمات صادقة اليوم كما كانت عندئذ: «لقد حاربت ضد احتلال البيض كما حاربت ضد احتلال السود. لقد أعجبت بمثالية أن يكون هنالك مجتمع ديموقراطي وحر حيث يعيش جميع الأفراد في انسجام تام وبحقوق متساوية انها مثالية آمل أن أعيش لتحقيقها وإذا دعت الحاجة فإنها مثالية أجد نفسي على استعداد للموت من أجلها. واليوم فإن العالم سوداً وبيضاً يعرفون أنه لا مستقبل للعنصرية. وفي جنوب أفريقيا تم القضاء عليها بقرار جماعي، ذلك من أجل بناء السلام والأمن.
إن تلك الحملة الضخمة من التحدي والأعمال الأخرى كان لابد لها أن تنتهي بتحقيق الديمقراطية.
ربما يبدو غريباً لك أن ترى الحالة في فلسطين أو بتعبير أدق بنية العلاقات السياسية والثقافية بين الفلسطينيين والإسرائيليين كنظام عنصري، وذلك بسبب خطأ ارتكبته عندما ظننت أن مشكلة فلسطين قد بدأت في عام 1967، إذ ظهرت، بوضوح في عمودك الصحفي الأخير تحت عنوان «مذكرة بوش الأولى» في عدد النيويورك تايمز الصادر بتاريخ 27/3/2001م، دهشتك لسماع أنه مازالت هناك مشاكل منذ عام 1948 تحتاج إلى حل، والتي أهم ما فيها هذا الجزء الخاص بحق العودة للاجئين الفلسطينيين.
إن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي ليس هو فقط موضوع احتلال عسكري إذ ان إسرائيل دولة لم تولد بشكل طبيعي وسبق لها احتلال قطر آخر في عام 1967. إن الفلسطينيين لا يحاربون لإنشاء دولة بل يناضلون لنيل الحرية والاستقلال والمساواة بالضبط كما كنا نناضل من أجل الحرية في جنوب أفريقيا. وفي السنوات الأخيرة القليلة وخاصة في ظل حكم حزب العمل، أبدت إسرائيل عدم رغبتها في إعادة ما احتلته من أراض عام 1967 وأبقت على المستوطنات وصرحت بأنها ستنفرد بسيادة القدس، وأنه سوف لا تكون هنالك دولة مستقلة للفلسطينيين بل سيكونون تحت سيطرة اقتصادية إسرائيلية بالإضافة إلى سيطرة إسرائيل على الحدود الأرضية والجوية والمائية والبحرية.
إن إسرائيل لم تكن تفكر في «دولة» بل في «الانفصال» ولغة الانفصال قد قيست بمقدرة إسرائيل على الحفاظ بدولة يهودية خالصة وليس بأن يكون هناك قلة فلسطينية قد تجد الفرصة لأن تصبح أغلبية في المستقبل. وإذا حدث ذلك فإنه سيجبر إسرائيل على أن تصبح دولة علمانية ديموقراطية أو تتحول إلى دولة ذات عرقين أو إلى دولة عنصرية.
عزيزي توماس: لو أنك تابعت الاستفتاءات في إسرائيل في ال 30 أو ال40 سنة الأخيرة فستجد وبسهولة أنها عنصرية فظة وأن ثلث السكان فيها يتبجحون بأنهم عنصريون من النوع الذي يقول: «أنا أكره العرب» و «أتمنى الموت للعرب» وإذا تابعت المؤسسة القضائية في إسرائيل فستجد أن هناك تفرقة ضد الفلسطينيين وإذا ذهبت أبعد من ذلك إلى الأراضي المحتلة عام 1967 فستجد أنهم قد جعلوا لهم نظامين قضائيين يعملان في وقت واحد ويمثلان طريقين مختلفين للعدالة: الأول لحياة الفلسطينيين والثاني للحياة اليهودية. وهناك أيضا مفهومان للتعامل مع الملكية والأرض. فالممتلكات الفلسطينية لا تعتبر ملكية خاصة إذ يمكن مصادرتها في أي وقت، أما بالنسبة لأراضي إسرائيل المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة فهناك عامل إضافي وهو ما يسمى بالحكم الذاتي للفلسطينيين، وتلك أماكن محصورة للفلسطينيين داخل النظام العنصري الإسرائيلي.
لا يمكن للدولة الفلسطينية أن تكون نتاجا ثانيا للدولة اليهودية لا لسبب غير ان تحتفظ الدولة اليهودية بنقائها. ان التفرقة العنصرية في إسرائيل هي الحياة اليومية التي يعيشها معظم الفلسطينيين. وبما أن إسرائيل دولة يهودية فإن في مقدور اليهود الإسرائيليين الحصول على حقوق خاصة ولا يمكن لغيرهم الحصول عليها. وبالنسبة للفلسطينيين العرب فإنه لا مكان لهم في الدولة اليهودية.
إن سياسة التفرقة العنصرية تعتبر جريمة في حق الإنسانية. إن إسرائيل جردت الملايين من الفلسطينيين من حرياتهم ومن ممتلكاتهم. انها خلقت نظاما تسيطر فيه العنصرية وعدم المساواة. لقد سجنت وعذبت آلاف الفلسطينيين وبطريقة منتظمة خلافا لما تنص عليه القوانين الدولية. انها وعلى وجه الخصوص شنت حربا ضد السكان المدنيين وبخاصة الأطفال.
إن ردود الفعل التي قامت بها جنوب أفريقيا ضد تجاوزات حقوق الإنسان المنبثقة من سياسات الإبعاد والتمييز العنصري ألقت الضوء على ما يجب أن يفعله الكيان الإسرائيلي قبل أن يتحدث عن سلام وعدالة نهائية في الشرق الأوسط وأن تضع حدا لسياسة التمييز العنصري.
عزيزي توماس.. إنني لم أيأس من دبلوماسية الشرق الأوسط ولكنني لن أتساهل معك كما فعل مؤيدوك. فإذا كنت تريد السلام والديموقراطية فسأقف معك ولكنك إذا أردت عنصرية رسمية فإننا لن نساندك. وإذا كنت تريد مساندة سياسة التمييز العنصري والتطهير العرقي فسنعارضك. وعندما يستقر رأيك على أي شيء تريد اتصل بي هاتفيا.

* المصدر: htpp://freundepalaestians.de

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير إدارة المعلومات
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved