والحلم العربي أن تقوم دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. ظل هذا الحلم العربي لعدة عقود يراود الفكر والضمير والوجدان العربي. وبذل الفلسطينيون دماءهم الحرة وبذل العرب أموالهم لأجل تحقيق هذا الحلم. وعاشت الأمة العربية في مأزق السلام ولم تنته المفاوضات إلى حل. وجاء شارون ليشعل الفتنة ويعيد الأمر إلى نقطة الصفر وتأزم الوضع وكان لابد من مبادرة جريئة للتعامل مع هذه الظروف واستيعاب تداعياتها والتعامل مع الوجه الجديد للعالم بعد أحداث 11 سبتمبر.
كان لا بد من مبادرة تحمل رؤية شاملة وانطلاقة استراتيجية لتضع أطراف معادلة السلام أمام مسؤولية حقيقية تحفظ للأمة العربية حقها المشروع وتعيد لأهل فلسطين أرضهم المسلوبة وعاصمتهم الشريفة. كان لا بد من مبادرة موضوعية تتعامل مع الواقع وتتجاوز بريق الشعارات الواهية وتعيد الحق لأهله وتضع الأمور في نصابها. وجاءت مبادرة الأمير عبدالله تحمل هذه الصفات الموضوعية.
جاءت هذه المبادرة لتجسد رؤية سياسية تمكنت من انتزاع تأييد دولي لم يسبق له مثيل، وهي دليل جديد على نجاح النهج السياسي للمملكة العربية السعودية التي تمثل الوسطية التي نادى بها الدين الإسلامي الحنيف.
جاءت مبادرة الأمير عبدالله لتجد تجاوباً عربياً وإسلامياً ودولياً أعطاها زخماً تستحقه وبعداً استراتيجياً.
جاءت مبادرة الأمير عبدالله لتكون وقوداً لتحرك عربي قاده الرئيس محمد حسني مبارك وهو يعرضها على القيادة الأمريكية التي وجدت فيها بعداً ايجابياً يخرج المنطقة من النفق المظلم الذي أدخله شارون عليها. جاءت مبادرة الأمير عبدالله لتحرك السكون وتزيل العتمة التي خلفتها بعض الطروحات الموتورة التي تؤدي إلى ذوبان الكيان الفلسطيني وتشرذم الأمة العربية. جاءت مبادرة الأمير عبدالله لتقدم نموذجاً يحتذى لحل عربي ينطلق من أرض الرسالات السماوية التي رسمت معالم السلام فوق الارض وسطرت كل المبادئ والقيم الانسانية الكريمة.
جاءت مبادرة الأمير عبدالله لتضع نواة حقيقية لتحقيق الحلم العربي.
إن دعم هذه المبادرة مسؤولية وطنية واستثمار لفرصة قد لا تتكرر في المستقبل.
وتحمل المسؤولية يستدعي الدفاع عن هذه المبادرة وإثراء زخمها بالكلمة الطيبة والنصيحة الصادقة في زمن صعب عزَّ فيه التناصح والرأي الصائب.
إن مبادرة الأمير عبدالله تستوجب شحذ الآراء وجمع الهمم لتكون ورقة عمل يلتئم حولها القادة العرب في قمة بيروت القادمة. إن القادة العرب أمام مسؤولية تاريخية في هذه القمة ليقدموا لأنفسهم ولشعوبهم حلاً عملياً لمشكلة استنزفت موارد العرب وشغلتهم عن الاهتمام باقتصادهم وازدهارهم.
إن القادة العرب أمام مسؤولية تاريخية ومفترق طرق نأمل أن يؤدي إلى تحقيق الحلم العربي!
*رئيس دار الدراسات الاقتصادية - الرياض |