** فترة الشباب ليست طارئة على مجتمعنا..
ولسنا مفاجئين بها، وليست ناتجاً قادماً من تبعات الطفرة أو خلافها كأي سلوك طارئ أو جديد..
فترة الشباب «الحرجة»
هي مرحلة عمرية تقع بين سن «15 إلى 25»..
عشر سنوات تتجدد مع المجتمع وتتغير ملامحها وفق المتغيرات والمستجدات.. والتقارب ومحاولة اختراق معالم الآخر واقتحامه والاحتكاك به هي ملامح ليست جديدة.
فذاكرتنا الشعبية ملأى بالحكايات التي تومئ وتشير إلى سعي كل طرف لاقتحام عالم الآخر بخطوات تختلف نسبها من حدود المعقول والمقبول ضمن سياق العادات والتقاليد وبعضها جريء وخارج ومتجاوز يجد الاستنكار إن ظهر.. لكنه يقيد ضمن المتوقع من مرحلة الشباب.
كل هذا والدوائر الحمراء موجودة والخطوط الأساسية محمية.. وكلها خطوات تدور ما بين الأبواب المواربة.. التي يسترق منها النظر أو في الرسائل الشعرية التي ينقلها الوسطاء..
أو في الكلمات التي تتدحرج على أجساد النساء العابرات للطرقات الضيقة والمنزوية..
كان هذا كله موجوداً.. ويقال: انه زاد كثيراً حين بدأت المرأة بالذات بتعديل شكل عباءتها، فقد اشتهر عند نساء التسعينيات «رفع» العباءة.
وأدى ذلك إلى تحريك «الراكد» وزاد القاموس اللفظي الذي يسعى من خلاله الشاب إلى التعبير عن اعجابه بما يرى.. «فهل يلام حين ذاك؟!»!
** وأدى ذلك أيضاً الى تدافع الشباب من بيوتهم وقرطاسيات كتبهم الى حيث الجلوس الطويل في «زوايا الشوارع» تلك التي يطلق عليها أهل نجد «العاير» وأظن الاسم مأخوذاً من أنه «يعور» كل شيء ويطلع على كل شيء بموقعه الكاشف..
وطالت الجلسات بانتظار العابرات «البريئات وغير البريئات» وأصبح الكلام لاسعاً ومؤذياً، لكنه على كل حال عذب للبنات اللاتي يستشعرن من خلاله حجم اعجاب الآخر ونجاحهن في اجتذابه..
ولم تهدأ الأمور.. بغياب شبان العاير في أعمالهم وتجاوزهم مرحلة الشباب الحرجة..
ولن تنتهي الحكاية بإنجاب تلك البنات لكثير من الأطفال وبقاء تلك اللمحات كالتماعات عابرة في الذاكرة التي شاخت..
لا.. أبداً لم تتغير الأمور..
ففي كل بيت هناك بنت جديدة أو شاب جديد يعبران العمر الحرج وتتحرك في فطرتهم الطبيعية ملامح الانجذاب الى الآخر..
وشبابنا وبناتنا اليوم..
ليسوا بدعاً بما يفعلون..
وليسوا قادمين من القمر أو من أقمار أخرى صناعية كانت أو حقيقية انهم بشر..
وإنهم يعبرون المراحل الطبيعية في حياتهم..
فالولد العشريني الذي كان يقف في العاير «يقتنص» نظرة عابرة هو ذاته الولد الذي يعبر الآن أسواق الراشد أو العقارية والبنت التي كانت تعبر العاير وتستعذب الإنصات لكلمة إطراء عابرة هي ذاتها البنت التي تسير الآن على كورنيش جدة أو كورنيش الدمام أو أمام واجهات المحال الزجاجية في شارع التخصصي بالرياض أو شارع التحلية بجدة..
الشبان هم الشبان..
والبنات هن البنات..
فما الذي تغير.. وما الذي تبدل..
وما الذي جعل الانجذاب الطبيعي نحو اختراق عالم الآخر بكلمة أو نظرة مقتنصة من فك الأسد تتحول الى طيش جامح وتجاوز شهواني مؤذ يتحدى كل السائد، ويقفز على كل الآخر الطبيعية.. ويؤدي بنا الى إقامة الحدود في مواقع الأسواق.. والى أين سننتهي..؟
..... يتبع
|