editorial picture

توبيخ نادر لشارون

تلقى شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي الإرهابي صفعة قوية من أقرب حلفائه، الولايات المتحدة، بينما كان الإرهابي العتيد في غمرة أعماله القمعية بالضفة والقطاع، التي خلّفت في الأيام القليلة الماضية عشرات الشهداء الفلسطينيين.
ويفيد كثيراً أن يتلقى شارون باستمرار مثل هذه التوبيخات وأن ترقى هذه إلى انتقادات حقيقية، وإلى أعمال ملموسة من شأنها إيقاف هذا الجنون الدموي الإسرائيلي.
وعندما خاطب وزير الخارجية الأمريكي شارون بقوله: «لا أعتقد أن قتل الفلسطينيين سيؤدي إلى شيء»، كان شارون غارقاً في استعراض البيانات عن القتلى الجدد ومدى الدمار الذي لحق بالبنيات الأساسية في الضفة وغزة فيما يستعد لاعتداءات جديدة لكنه وجد وقتاً ليرد على انتقادات باول بالقول إن عرفات هو من يتحمل المسؤولية عن هذا التدهور..
ويعرف شارون أنه يحتجز عرفات لما يزيد على الثلاثة أشهر في رام الله وأنه بذلك يقيِّد حركته للقيام بما من شأنه إعادة التهدئة، لكن شارون لا يريد التهدئة، فقد ذكر مؤخراً أنه سيستمر في الضرب بشدة على الفلسطينيين إلى أن يتوسلوا إليه طالبين التفاوض.
إن تاريخ شارون الدموي لا يفيد بإمكانية اقتلاع نزعة الإرهاب منه، فهو قد راهن على سلام إسرائيلي من خلال القتل وهو يمارس ذلك فعلاً دون أن يحقق الأمن والسلام، ولم يدرك رغم خبرته الطويلة في الحكم الإسرائيلي أنه لا يمكن كسر شوكة الفلسطينيين بمجرد هذه الاعتداءات غير المسبوقة.
كل ذلك يقود إلى أن الكثير من الكلام لا يحدث التحوير المطلوب في هذه السياسات العدوانية، وأن لا سبيل إلا بإخضاع إسرائيل لذات الضغوطات التي يخضع لها من يوصمون بالإرهاب في العالم، فهناك قرارات دولية جاهزة لم تلتزم بها إسرائيل وتكفي لوضعها في خانة الخارجين على القانون.
ولأن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية قوية ووثيقة فإن واشنطن بإمكانها فعل الكثير لإفساح المجال أمام المبادرات الخيّرة من خلال لجم هذا النزوع الإسرائيلي القوي نحو العنف والتقتيل.
فواشنطن نفسها تتضرر كثيراً بوقوفها إلى جانب إرهابي عتيد لم يعرف عنه على نطاق العالم سوى هذه الصفة، وهي في ذات الوقت تقوم بدور الراعي للسلام، ما يحتم أن تفي تماماً بمقتضيات هذا الدور وأولها الوقوف مع الحق وردع المعتدي.
وأخيراً فإن توبيخ باول لشارون ينبغي أن يتخذ شكلاً منهجياً وأن يكرّس سياسة من شأنها تثبيت صورة أمريكية عادلة تجاه ما يحدث، وهو أمر سيؤدي إلى خلق بيئة دولية أكثر استعداداً لإشاعة العدل والسلام في العالم.


jazirah logo