* القاهرة مكتب الجزيرة محمد العجمي:
تأتي زيارة الرئيس محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العربية للولايات المتحدة في منعطف خطير من الصراع العربي الاسرائيلي وتزدحم الأجندة المصرية الأمريكية بالكثير من القضايا والموضوعات التي في مقدمتها فك الحصار عن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وقضية الإرهاب وضرب العراق.
ولكن وسط هذا التراكم من الموضوعات تفرض الأجندة الاقتصادية نفسها على المفاوضات خاصة وان الاقتصاد المصري تأثر كثيرا بأحداث 11 سبتمبر وقد وعدت الولايات المتحدة الأمريكية بتعويض مصر عن هذه الخسائر.. وأول مايعرض نفسه في الأجندة الاقتصادية هو إقامة منطقة تجارة حرة بين البلدين وهي الفكرة المطروحة منذ زيارة الرئيس مبارك لأمريكا في عام 1999 حيث ظهر مفهوم التجارة كبديل للمعونة في المفاوضات المصرية الأمريكية ولكن لم يتم التوصل إلى اتفاق لإنشاء هذه المنطقة نتيجة لاعتراض الكونجرس الأمريكي.وبسبب اعتراض مصر على إنشاء مناطق صناعية حرة مع اسرائيل وهو ما اعتبره الكونجرس شرطا من أجل التوقيع على الاتفاقية وهو ماحدث بالفعل مع الأردن حيث وافقت على إقامة منطقة تجارة حرة مع الأردن خلال فترة قصيرة من المفاوضات بسبب إقامة الأردن لأكثر من منطقة مع اسرائيل.
* «اتفاق شكلي»:
أسفرت المفاوضات في 1999 عن اتفاق شكلي في مجال التجارة والاستثمار يعرف باسم «تيغا» وهو قد يكون تمهيدا لقيام المنطقة الحرة وتم تكوين المجلس الأمريكي المصري للتجارة والاستثمار يرأسه من الجانب المصري وزارتا الصناعة والاقتصاد وقت ذاك ومن الجانب الأمريكي التمثيل التجاري الأمريكي وجاءت زيارة مبارك في ابريل 2001م لتركز على إطار ينظم العلاقات الاقتصادية بين البلدين والتي لم تثبت الأيام الماضية فاعلية هذه العلاقات.
وهذه المفاوضات ليست هي البداية في تاريخ الأجندة الاقتصادية .
وإنما ترجع هذه العلاقات لمجموعة من الاتفاقيات الثنائية منها اتفاق لضمان وحماية الاستثمارات وقع في واشنطن 1975 ومنع الازدواج الضريبي في القاهرة عام 1980 واتفاق مشاركة مصرية أمريكية للنمو الاقتصادي والتنمية وهو ما أطلق عليه (مبارك/آل جور) وذلك لدعم الاقتصاد المصري وعملية النمو والتنمية الاقتصادية والقضاء على معوقات الاستثمار بين البلدين، وتنشيط التعاون على المستويين الحكومي والقطاع الخاص ونقل التكنولوجيا وغيرها من المعايير التي تدفع للتعاون الاقتصادي.
* 1224 مليون
عجز تجاري:
لايختلف اثنان على ان الأجندة الاقتصادية ستضع في مقدمتها العجز الشديد في الميزان التجاري المصري أمام الأمريكي ومايحدث في سوق الصرف المصرية من تدهور في الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي.
وإذا نظرنا إلى ا لبيانات الرسمية للحكومة المصرية نجد ان العجز وصل إلى مليار و 224 مليون دولار خلال العشرة أشهر من العام الماضي، فقد وصلت الواردات المصرية من أمريكا 1517 مليون دولار في مقابل 293 مليون دولار صادرات.
وفي عام 2000 بلغ العجز مليار و 703مليون دولار سجلت الصادرات المصرية نحو 403 مليون دولار في حين بلغت الواردات 2106 مليون دولار وفي عام 1999 سجل العجز 1860مليون دولار بلغت الواردات 2294 مليون دولار مقابل 434 مليون دولار صادرات ويرتفع العجز في بيانات الاتحاد الأوروبي والتي تنشرها نشرة التجارة الخارجية التابعة للحكومة المصرية نجد ان العجز في الميزان التجاري المصري أمام الأمريكي سجل 2425 مليون دولار في العشرة أشهر الأولى من العام الماضي فقد سجلت الصادرات لأمريكا 777 مليون دولار في مقابل 3202 مليون دولار واردات وفي عام 2000 وصل العجز 2441 مليون دولار بلغت الصادرات 888مليون دولار في مقابل 3329 مليون دولار واردات وفي عام 1999 سجلت الواردات 3025 مليون دولار في مقابل بلغت الصادرات 617 مليون دولار ليصل العجز إلى 2408مليون دولار وبهذا تعد ا لولايات المتحدة الشريك التجاري الثاني لمصر بعد الاتحاد ا لأوروبي حيث يبلغ حجم التبادل التجاري المصري الأمريكي نحو مليار و 810 مليون دولار في حين يصل مع الاتحاد الأوروبي 3مليار و 942مليون دولار.
* استثمارات وتحفظات:
وتسعى مصر إلى المزيد من الاستثمارات الأمريكية المباشرة إلى مصر خاصة وأنها تأتي في المرتبة الثانية بعد اسرائيل في استقبال هذه الاستثمارات ولكنها تشهد انخفاضا في السنوات الماضية، وقد انخفضت إلى 83 مليون دولار خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر من العام الماضي مقابل 106مليون دولار خلال نفس الفترة وتصل إجمالي الاستثمارات الأمريكية في مصر نحو 3 مليارات دولار منها 5. 1 مليار دولار استثمارات في قطاع البترول والباقي استثمارات من القطاعات الانتاجية والخدمية أما الاستثمارات الأمريكية في الأوراق المالية فتصل إلى 600 مليون دولار ويرى الخبراء ان ضعف الاستثمارات الأمريكية ترجع إلى الحاجة إلى الارتقاء بمستوى المعلومات وتحديثها بصورة مستمرة ووجود شعور لدى المستثمرين الأمريكيين ان هناك سرية على المعلومات في مصر إلى جانب عدم توافر مستويات لحماية الملكية الفكرية والحاجة إلى العديد من التعديلات التشريعية خاصة في ا لنواحي الاقتصادية.
ويضيف الخبراء ان هناك مجموعة من التحفظات لدى الأمريكيين تعرقل زيادة هذه الاستثمارات منها عدم الاستقرار في سعر الصرف، والتغيرات التشريعية المتلاحقة.
* التدخل الاسرائيلي:
المعونة الأمريكية لمصر ظلت تحتل مقدمة المفاوضات المصرية الأمريكية وخلال الفترة من 1975 إلى 2000 حصلت مصر على معونات اقتصادية قدرت بنحو 52 مليار دولار تتضمن معونة عسكرية نحو 25 مليار دولار وبهذا تعد مصر من أكبر الدول المستقبلة للمساعدات الأمريكية بعد اسرائيل وهو ما دفع اسرائيل لتتدخل لدى الولايات المتحدة لوقف هذه المنح أو إعادة النظر فيها وخاصة انها أدت إلى تعاظم القوة العسكرية لمصر ولعبت دورا في تطوير البنية الأساسية والتي كان نصيهبا 8مليارات دولار.
كما استخدمت المعونة في بناء المدارس والبرامج الصحية وتحديث العمل في القطاع العام وذكرت بيانات البنك المركزي المصري ان تدفقات المنح من الولايات المتحدة انخفضت إلى 8. 253مليون دولار خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر من العام الماضي مقابل 9. 554 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام قبل الماضي.
وبهذا ترتبط العلاقات المصرية الأمريكية في النواحي الاقتصادية بنوعية خاصة بسبب الخلفية السياسية التي تقف وراء هذه العلاقات والمتعلقة بدور كل من مصر والولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط فهي علاقات عبارة عن خليط مابين السياسة والاقتصاد.
والسؤال المطروح على المستوى الاقتصادي هل تنجح الإدارة المصرية في إنشاء منطقة تجارة حرة بين البلدين؟
وهل تستطيع إقناع الإدارة الأمريكية بأكذوبة إسرائيل التي تدعي إقامة السلام هذا ما تكشفه الأيام القادمة.
|