حينما يتشعب الحديث مع النخب الهندية المسلمة من كتّاب وساسة وحتى علماء ومفكرين تجد عتاباً وأسى من قبلهم على تجاهل العرب للمسلمين الهنود، يقول صحفي هندي مسلم: إن العرب يطلبون منا التأييد المطلق لكل قضاياهم مع أنهم يتجاهلون حتى أحلامنا، فرغم أن المسلمين في الهند يقول الصحفي الهندي يشكلون أكبر عدد من المسلمين في أي مكان، إذ إن عدد المسلمين في الهند يتجاوز عدد سكان إندونيسيا، أو بنجلاديش اللتين يطلق عليهما في الصحف العربية أكبر دولة إسلامية، ومع أن المسلمين في الهند يشكلون أقلية كون الهندوس أكثر منهم بأكثر من ثلاثة أضعاف إلا أن المسلمين في الهند يصلون إلى قرابة المئتي مليون نسمة، وأن تأثيرهم السياسي داخل الهند والفكري خارج الهند يتجاوز هذا العدد، فالعلماء المسلمون من الهنود انتشر علمهم إلى الخارج وذكرني بأن مؤلفات الندوي وغيره تدرس حتى في الدول العربية، وأن الساسة الهنود وصلوا إلى مراكز متقدمة في مواقع السلطة ومنهم الآن نائبة رئيس البرلمان الهندي، وسبق أن رأس الجمهورية الهندية سياسي هندي مسلم، وأن هناك العديد من السفراء المسلمين والوزراء في حكومات الولايات والقضاة وكبار الضباط في الجيش والشرطة، وهناك العشرات من الجامعات الإسلامية بعضها متخصص في العلوم الشرعية وهذه الجامعات ولتضييق الفجوة الحضارية والعلمية أنشأت كليات علمية وتقنية عديدة يتخرج منها الأطباء والمهندسون وأخصائيو الحاسب الآلي وتبرز ولاية كالارا في هذا المجال.
ويتحدث شخصية هندية مسلمة بمرارة عن تجاهل الإخوة العرب المسلمين اخوانهم المسلمين الهنود وبالتالي يلغون قوة قوامها مئتي مليون مسلم منهم العلماء والأطباء والمهندسون والسياسيون، وتكشف هذه الشخصية أن النظام العلماني والديمقراطي في الهند أعطى هامشاً كبيراً من التحرك للمسلمين ورغم مضايقات الساسة الهندوس إلا أن المسلمين يمثلون كتلة قوية يجب الاستفادة من تأثيرها وعلى العرب ألا يرموا كل بيضهم في سلة الدكتاتورية العسكرية التي ابتليت بها جارتنا المسلمة «يقصد بذلك باكستان».
وعندما حاورته هو وزملاءه المسلمين من الصحفيين هل يقفون ضد إخوانهم المسلمين في باكستان لدعم دولة أكثريتها هندوس؟
أجابوا بهدوء وبكل بساطة: الهند وطننا.. وطن للجميع للهندوس والمسلمين والسيخ ومئات الطوائف الأخرى، وهذه الطوائف يمكن أن تعيش بسلام وبألفة إذا ما استطاعوا أن يغلقوا آذانهم عن التحريضات التي تأتي من خارج الحدود.. وأن يبتعدوا عن رغبات الأجانب، فالتدخل الأجنبي هو الذي يخلق الفتن، ولوجود أشخاص متطرفين من الهندوس وغيرهم فإن أي مشكلة حتى وإن كانت صغيرة تخلق فتنة كبيرة.
وعندما استفسرت عن علاقة كل هذا بالموقف من باكستان أجابوا بأنهم إذا أفلحوا في تجميع قواهم في تنظيم سياسي على مستوى كل الولايات الهندية فإنهم سيحققون عن طريق الديمقراطية أفضل بكثير مما يتحقق في البلدان التي تحكمها المؤسسات العسكرية!!
الشيء الذي أصر عليه محاوري بأن المسلمين جميعاً مسؤولون عن الدماء التي تنزف من المسلمين في فلسطين وكشمير والهند وأفغانستان لأن المسلمين شعوباً وحكومات تركت مسؤولياتها وكل دولة انشغلت بمصالحها وتركت المسلمين في الدول الأخرى لمصيرهم الذي يتفاوت بين مكان وآخر.. بين مسلمين تحت الاحتلال وآخرين فرض عليهم التعايش مع سلطة متسلطة وآخرين قنعوا بالعيش كأقلية تتعرض بين الحين والآخر للذبح.
|