Tuesday 5th March,200210750العددالثلاثاء 21 ,ذو الحجة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بلا ترددبلا تردد
قطار الغلابة
هدى بنت فهد المعجل

«دنا غلبان» مقولة أطلقها قديماً عادل إمام فتناقلتها أفواه الضعفاء والفقراء والمعدمين وقليلي الحيلة في مصر.
و«دنا غلبان» أطلقها مؤخراً قطار الغلابة بعد تسببه في مقتل وإصابة أكثر من 500 شخص أثناء توجهه من القاهرة إلى أسوان حاملاً في جوفه ثلة من الأنفس الراغبة في قضاء عيد الأضحى بين أهلهم وذويهم وأصدقائهم.
«دنا غلبان» قالها ذلك القطار لكونه من الدرجة الثالثة المتهالكة.. ولا توجد به أجهزة إنذار.. لذا يستخدمه الفقراء ليلاً باعتبار ان أسعار التذاكر منخفضة.وقد اعتاد ركاب أمثال هذه القاطرات في مصر على أن يحملوا مواقد الغاز لإعداد الشاي والقهوة وتسخين الأطعمة أثناء الرحلة.. ولم يدر بخلدهم أنها قد تكون يوماً ما سبباً في تفحم أجسادهم.. وتزكيم الأنوف من رائحة شواء اللحم البشري.
نعم، فتهالك وضع القطار.. والسماح لراكبيه بحمل مواقد الغاز واستخدامها بجانب خلوّه من جهاز إنذار.. كل ذلك ساعد على تمدد حريق فجر الأربعاء من العربة رقم 3 واحدة تلو الأخرى حتى وصل عدد العربات المشتعلة إلى 8 عربات دون ان يعلم سائق القطار بالحريق إلا بعد ان قطع مسافة 8كم.
فعلى من تقع اللائمة.. ومن يتحمل مسؤولية تلك الأرواح التي أزهقت بعد أن تفحمت أجسادها.. ومنهم من ألقى بنفسه من خلال النافذة فراراً من الموت.. فتلقفه الموت في قاع ترعة.. أو تحت عجلات القطار.
تمددت النيران حتى أتت على ثماني عربات دون أن تذكر أخبار الحريق الحاصل أي موظف قطار كان بها حتى يقوم بواجبه الأمني.
لا مانع أن تخصص وسائل نقل متواضعة تتناسب ودخل الفرد البسيط.. بشرط تجهيزها أمنياً بكل أجهزة الأمن والسلامة الممكنة حفاظاً على أرواح البشر.
وهي مما لم تتوفر في قطار غلابة مصر حتى أودى بحياة أكثر من 300 شخص تفحم بعضهم وهو متشبث بالنافذة طلباً للنجاة وكانت ألسنة اللهب له بالمرصاد.
* ما ذنب شاب ظل غائباً عن أسرته ثلاث سنوات طلباً للرزق وما إن عاد لإتمام مراسم زواجه كان قطار الغلابة بوضعه المتهالك بانتظاره قبل أن تقرَّ به أعين أسرته.
* وما ذنب شاب يعتبر العائل الوحيد لأسرته حتى يتفحم.
* بل ما ذنب طفل في أحشاء أم ذهبت عن زوج لها يعمل مرشداً سياحياً في أسوان قاصدة زيارة أهلها في القاهرة وما إن نوت العودة إليه حتى تلقاها حريق القطار..
هل ذنبهم أنهم فقراء ولا يستطيعون سوى استقلال مثل هذه القاطرات الرديئة.
القدر محتوم لا اعتراض عليه.. ولا مفر منه.. لكن ماء الاعتراض نسكبه في وجه من ولّوا أمر هؤلاء البشر.
أليست أرواحهم غالية عليكم..؟
إذاً ما الذي يمنع من تجهيز كل وسائل أمن وسلامة من شأنها أن تساعد في حفظ أرواحهم لهم.. وتهيئة من يتعامل مع تلك الوسائل التعامل الحسن.. حتى لا نسمع بحادثة أخرى على شاكلة حادثة قطار الغلابة المنكوب.
جلد المعاكسين مرة أخرى
* حينما تطرقت لموضوع جلد المعاكسين لم أقصد إدانة الشاب وتبرئة ساحة الفتاة.. فعلى كل منهم تقع اللائمة.. أيضاً لم أوافق بتطرقي ذاك موافقة تامة على الجلد كعقاب رادع.. بل أدرك أن العقاب الرادع على أوجه عدة تطرقت لبعض منها الدكتورة هيا المنيع والزميلة بدرية البشر في الرياض الجريدة.. فمجمل تطرقي اعتراض لا أكثر على من وصفت الجلد بأنه أسلوب غير حضاري.. لذا أشكر كل من خصَّني بتعقيب مع أو ضد.. أشكر الأستاذ عبدالرحمن الحمد، سليمان الفراج، فيصل العتيبي، عبدالله المحمدي، سامية اليوسف.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved