Tuesday 5th March,200210750العددالثلاثاء 21 ,ذو الحجة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مركازمركاز
حج وبيع سبح!
حسين علي حسين

عندما كانت الدنيا مفتوحة على بعضها، حيث لم تكن هناك جوازات أو محاجر صحية، كانت منطقة الحجاز تتحول في مواسم الحج إلى سوق مفتوحة، فقد كان الحاج الهندي يأتي إلينا مصحوباً بالبهارات والفطير والشيلان الكشمير وكان الحاج الفارسي يأتي مصحوباً بسجاد تبريز وأصفهان وكاشان أما الحاج المصري فيأتي غالباً مصحوباً بالعدس والبصل والجبن والشوام تسبقهم غالباً المنسوجات والحلاوة الشامية وقوالب الصابون، وقس على ذلك حجاج تركيا وروسيا وأفغانستان، كل حاج يأتي ومصروفه بضاعته، حتى راج في الحجاز ذلك المثل الجميل «حج وبيع سبح»! وقبل ذلك جاء في قرآننا الكريم بأن الحج فيه منافع كثيرة دينية ودنيوية.. لكن بجانب هذه الصور الجميلة كان الحاج يأتي من بلاده هو موقن بأنه ربما عاد إلى أهله بعد شهور من مغادرتهم، وربما لن يعود، بسبب الأمراض وبسبب وعورة وخطورة الطريق وبدائية وسائل المواصلات، حتى إن متوسط الفاقد من الحجاج كان يصل إلى ما نسبته 30% نتيجة الوفيات أو التخلف أو الضياع أو مشاكل الطرق من نهب وسلب وقتل، هذا غير الأوبئة التي كانت تتسلط على الحجاج، نتيجة لرداءة الخدمات الصحية.
الآن تغيرت الأهداف، وتغيرت الاستعدادات، فأصبح الحاج يأتي من بلاده، فيحج ويتسوق ويعود إلى أهله، غانماً سالماً خلال خمسة أيام، وهناك الآن الحج السريع والحملات (العادية والفضية والذهبية) ولكل نوع ثمن، ولكل نوع وسائل راحة مختلفة، أما الرعاية الصحية والطرق والخدمات الأخرى، فمن يقارنها بما كانت عليه الحال قبل نصف قرن، على سبيل المثال، سوف يصاب بالدهشة، فما حدث هو شيء أشبه بالخيال، فنحن الآن ننزعج إذا مات عشرة من الحجاج بينما كان يموت في السابق المئات وربما الآلاف، بل إن العديد من الحجاج كانوا يتركون وصيتهم عندما ينوون الحج إلى بيت الله الحرام، يحدث هذا لحجاج الداخل والخارج معاً، وفي الوقت الذي يغادر فيه الحاج بلاده إلى مكة قبل شهر من بدء موسم الحج كان في السابق يغادرها قبل عام كامل ومعه كفنه ونقوده القليلة وما يريد تسويقه في الأراضي المقدسة من منتجات بلاده لكي يستعين بثمنها على إتمام الفريضة!
ولأن موسم حج هذا العام كان مفخرة لنا، فقد أحببنا أن نعطي صورة مقارنة لما كان عليه الحج وما أصبح عليه من راحة وأمان ويسر، لقد بذل الكثير من أجل راحة الحجاج، وهذا البذل والعطاء هو نتيجة طبيعية لحب كل مواطن لبلاده، ومن أحب بلاده، أحب زوارها وتفانى في خدمتهم، لكي يعودوا إلى بلادهم غانمين سالمين.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved