Tuesday 5th March,200210750العددالثلاثاء 21 ,ذو الحجة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

في الأفق التربويفي الأفق التربوي
التربية البيئية
أ.د.عبدالرحمن الشاعر

تولي المجتمعات البشرية البيئة عناية خاصة لكونها تمثل أهمية بالغة مرتبطة بحياة الإنسان والكائنات الحية ومؤثرة في التوازن الطبيعي لتلك الكائنات. هذا الاهتمام يتعلق بموارد البيئة الطبيعية من حيث الكم والكيف من منطلق أهمية تهيئة بيئة صحية متكاملة ينعم بها البشر وغيرهم من الكائنات الحية. لذا تبذل الجهود الحثيثة في رصد المشاكل البيئية ومسبباتها لوضع الحلول الكفيلة بمعالجتها، ومهما بذل من جهد في هذا الشأن تظل التوعية البيئية هي المنعطف الحقيقي لبيئة صحية ومنطلق كل جهد لحمايتها وايجاد بيئة صحية خالية من منغصات الحياة الصحية منها والاجتماعية والاقتصادية، ولاجل ذلك تبذل المساعي المحلية والاقليمية والدولية للحفاظ على البيئة ومكافحة التلوث البيئي. وتجمع آراء العلماء في كل بلد وفي منظمات حماية البيئة أن معالجة المشاكل البيئية تنطلق من الاهتمام بتوعية المواطنين تجاه بيئتهم وتأصيل الاهتمام بالبيئة والقيم البيئية في نفوسهم منذ الصغر.
إن المتتبع لموضوع البيئة في المناهج الدراسية يلحظ مدى الاهتمام بهذا الجانب بأشكال متفرقة بين موضوعات المقررات الدراسية، إلا أن الملاحظ ان عرض تلك الموضوعات بالعمق العلمي وربطه بالجوانب الصحية والاجتماعية وحتى العقائدية لا يلقى الاهتمام المطلوب والمؤمل من قبل المعلم، بل نجد ان بعض العرض لهذه المواضيع لا يتجاوز التعريف بالبيئة وعناصرها وقد تعرض للتلوث ولكن لا تعرض لأنواع التلوث واسبابه وعواقبه وسبل التخلص منه. وقد يتساءل القارئ وماذا نريد اكثر من ذلك؟ والجواب أننا نريد تربية علمية تجسد واقعنا البيئي في عصر اصبح التلوث البيئي فيه سمة وقاعدة وأصبحنا في بيئة مشبعة بالتلوث الهوائي والتلوث المائي والتلوث الإشعاعي وتلوث التربة والتلوث الغذائي وغيره من أنواع التلوث الذي صاحب التقدم العلمي واصبح ضريبة التقدم والمدنية.
ليس هذا فحسب بل هناك أنواع أخرى ومجالات أخرى للتلوث الذي صاحب التقدم العلمي والحضاري قد لا يظهر في البيئة التي تعودنا أن نرى فيها أنواع التلوث ولا يقل خطراً عما سلف ذكره ومنه التلوث السمعي مثل الضجيج والتلوث البصري مثل ما يشاهد في الطرقات والمنعطفات وحيطان المنازل والمدارس واكثر من ذلك ما يشاهد على بعض القنوات الفضائية، ومن صور التلوث أيضا التلوث الفكري الحادث من جراء تلاقح الحضارات وعولمة الفكر الإنساني وذوبان الخصوصية.
إن المؤمل أن تؤخذ أولويات الفكر البيئي في الاعتبار في برامج التوعية البيئية التي تُعد وتبث من خلال عدة قنوات أهمها المقررات الدراسية على أن يكون لدى المعلم الخلفية العلمية والصحية والاجتماعية لعواقب التلوث البيئي وان تناقش مواضيع البيئة في المناهج الدراسية بأسلوب يتناسب مع المراحل الادراكية للطفل وتندرج مع تدرج النمو الفكري له.
إن مقومات التلوث البيئي لا تزال تؤدي دورها بنشاط متزايد فالمصانع تقذف بمخلفاتها في الهواء والتربة والأنهار والبحار.. وعوادم السيارات تبث الكربون الذي يشارك ذرات الأكسجين مساحات لا بأس بها في الهواء الذي نستنشقه.. ومصانع الأغذية الكيميائية تزوِّد متاجرنا بكل ما هو مؤثر بالصحة، والفضاء يحاصرنا بالقنوات الفضائية التي تحمل مقومات التلوث الفكري، ولا نملك سوى التحصين الذاتي من خلال منازلنا ومدارسنا، والله المستعان.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved