Thursday 28th February,200210745العددالخميس 16 ,ذو الحجة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هكذاهكذا
هكذا تكلمت زهرة..
فهد العتيق

* «لماذا تشيح عن شم الهواء يوم الجمعة في البحر الميت؟ وتقبل على تنشق رائحتي المموهة ببحر سرابي.. في غرفتنا الضيقة؟ رائحتي؟ ظاهرها موج، وباطنها عرق، لكنك تنكر حواسك وتطمسها، وتشمني بحاسة خيالك القادرة على رصد الجوهري دون التفاصيل المهمة، لكنك لست رجل تفاصيل، التفاصيل تافهة في عينيك، قائمة التفاصيل في عينيك تشمل لذة تناول الطعام مثلا، الطعام مجرد واجب ثقيل.. لماذا؟».
* وهكذا يمضي بنا الروائي العربي الذي غيّبه الموت مطلع الشهر الماضي مؤنس الرزاز، نحو حياته الشخصية ممزوجة بتفاصيل حياتنا العربية، في هذه الرواية المبدعة «مذكرات ديناصور» نبحث عن دور ولا نكتشف أننا الدور نفسه، نبحث عن الضوء فنجده زاهيا في كل سطر، نبحث عن الجوهر فنجده عربيا كبيرا يحارب الإقليمية وكل أسباب نكوص أمة العرب، نبحث عن السيرة الذاتية فنجدها ماثلة أمامنا في كل صورة من صور هموم الناس البسطاء، ومنهم هذا الراحل الذي أصدر أعمالا أدبية قمة في الشفافية مثل: «أحياء في البحر الميت» و«اعترافات كاتم صوت» و«جمعة القفاري» و«الذاكرة المستباحة» و«النمرود» وغيرها من الكتب الأدبية الابداعية العربية الهامة للروائي العربي مؤنس الرزار.
* في «مذكرات ديناصور»، أبدعت زوجة الديناصور «زهرة» في تصوير حياة زوجها عندما قالت انها تحب ومض الضحية في عينيه، لكن أي ضحية «كاذبة أنا إذا زعمت أنني ابغض الانتصار والمنتصر، لكنني أفضل الضحية التراجيدية، المقاتل الذي يعرف مسبقا ان الاقدار أقوى منه، لكنه يكر ولا يحجم، نعم، أفضل الضحية المضرجة بالكبرياء على المنتصر المجلل بالغطرسة»، لكن مذكرات ديناصور تخلت عن وقارها التقليدي الأدبي ودخلت مرحلة التجريب عندما يعترف الديناصور بأن قراره لم يستقر بعد على كتابة مذكرات الديناصور بصيغة المتكلم أم بصيغة الغائب ولهذا فقد قر قراره، السيد عبدالله الديناصور، على الكتابة بالصيغتين، وإن دلت تلك الحيرة على شيء فإنها تدل كما يقول على عدم اللجوء الى التخطيط المتقن المسبق لهذا «العمل» وهي عادة عربية أصيلة لا نتخلى عنها بسهولة، في عصر التطبيع والتغريب والاستلاب والغزو الثقافي والفوضى.
الصحف العربية نعت الأديب الواضح والروائي متعدد الأصوات الابداعية مؤنس الرزاز، وقالت انه رحل بعد عذابات طويلة، بعد معاناة وتمزق شديدين، بعد تشظيات وعلل كثيرة وقاسية اصابت الروح والقلب والجسد، بعد تحولات ومكابدات في الثقافة والسياسة بعد هزائم كل الأحلام، رحل رافضاً الاستسلام وهذا يكفيه بعد ان ترك آثاره الأدبية، التي تعتبر شهادة أدبية معاصرة على واقع الحال العربي المتردي، في هذا الزمن الغامض.
** فاصلة من القاص سعود الجراد:
** «هناك أزمة نشر وهناك أزمة توزيع وهناك أزمة صدق، وهناك عشرات الأزمات، فليس كل ما يكتب ينشر، هناك أكثر من كتاب جاهز للإصدار، وهناك أكثر من نص كتبته في الفترة الأخيرة ولم ينشر، كما أن احتفاء وتواصل الكُتّاب بنص جديد لم يعد موجوداً كما كان في الماضي القريب مع الأسف».
ملاحظات سعود واضحة وتحدث عنها ايضا زملاء اخرون وكل ما نرجوه من القائمين على الثقافة في بلادنا ان تكون هناك نظرة جادة للمشكلة الكبيرة أو الأزمة التي يعيشها الكتاب الادبي لدينا على مستوى الطبع والتوزيع وقبل ذلك الرقابة الاعلامية التي يفترض الآن ان تكون أكثر مرونة.. حتى لا تظل كتبنا الأدبية مهاجرة إلى الأبد.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved