Thursday 28th February,200210745العددالخميس 16 ,ذو الحجة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أكثر.. أكثرأكثر.. أكثر
د. فهد حمد المغلوث

لا شيء يضايقك ويكدِّر عليك متعتك سوى إحساسك أن هناك من يحاول سرقة تلك السعادة التي لديك وبين يديك وينتزعها منك رغم أنك أحق الناس بها وأحوج الناس إليها.
يحاول أن ينتزعها منك أو يُفسدها عليك أو يقلّل من أهميتها بالنسبة لك ولا يعلم كم هي التضحية التي بذلتها من أجل الحصول على تلك السعادة ومن أجل الحصول على ذلك الأمل الذي طالما حلمت به وتمنيت العيش معه ومن أجله.
وأنت حينما تحاول أن تحصل على الأكثر، وبالذات فيما يتعلق بالمشاعر وبالتحديد من أشخاص معينين يهمك أمرهم، لا تكون بذلك أنانياً على الأقل من وجهة نظرك، لأنك تعتقد بل تؤمن إن صح التعبير، أن هذا من حقِّك وانه أقل شيء يُقدَّم من أجلك، أنت يا من أحببت بصدق وعمق ويا من ضحّيت بكل ما تستطيع من أجل أن تعيش السعادة ولو للحظات قصيرة مع حلمك وطموحك.
إنك تشعر وفي لحظة من لحظات الزمن وفي ظروف معينة، تشعر بسعادة غامرة تتغلغل بين أضلعك، سعادة غريبة لم تعهدها من قبل، سعادة تطير بك فوق: في السماء، وتسبح بك في فضاءات لا حدود لها، تشعر وكأنك طير أبيض ترفرف بجناحيك في الفضاء الرحب وتنتقل كالفراشة من زهرة لأخرى ومن حديقة لأخرى لترى بنفسك حقيقة هذا الجمال الغائب عنك وواقع هذه السعادة التي تسمع عنها ولم ترها بعد على حقيقتها، بل وحتى حينما تكون بمفردك وحينما تريد ان تأوي لفراشك لتخلد إلى النوم، تجد نفسك أحياناً بتلك السعادة تقترب منك رويداً رويداً وبتلك المشاعر الحلوة تلامس وجدانك أكثر فأكثر ولا تملك حينها سوى أن تنكمش إلى نفسك، وتضم نفسك بنفسك كدليل ورغبة منك في أن تحتوي نفسك أو بالأحرى أن تحتوي تلك المشاعر الجميلة بداخلك خشية أن تذهب عنك أو خشية أن يأتيك من يفسدها عليك ويأخذها منك وأنت في قمة احتياجك الشديد لذلك الحنان والاحتواء والعاطفة.
إنها ولا شك مشاعر غاية في الجمال وقمة في السعادة وروعة في الأجواء، تريد بكل صدق وأمانة من يشاركك إياها ليس مجاملة أو إرضاء لك بل احساس مشترك منه هو أيضاً وشعور صادق أن سعادته هو بمفرده سوف تظل ناقصة ما لم تجد سعادة أخرى تشاركها إياها، ولكن ليس أي سعادة، انها سعادتك أنت ايها الأمل الذي تنام على نغماته العذبة وتحيا على صوته المغرد الذي يُطربك كل صباح حينما يُطل عليك من نافذة غرفتك، وكأنه طائر جميل يقول لك: قم أيها الكسول من نومك، انهض من فراشك كفاك دلعاً ودلالاً، أقبل بنفسك على الحياة وانظر ما فيها من جمال واستشعر ما فيها من عظمة الخالق عز وجل.
وحينما تتثاقل وتتأخر في نومك، لا تشعر بهذا الطائر الجميل الذي يرمز لشيء جميل بالنسبة لك، لا تشعر به إلا وهو يقترب منك وبيده وردة ناعمة غاية في الجمال ذات رائحة مميزة أنت تحبها، لا تشعر به إلا وهو يقترب منك أكثر وأكثر ويداعب بها وجنتيك ويقربها من أنفك كي تشم رائحتها العطرة بنفسك وترى جمالها الأخاذ بعينيك لا بعيني غيرك هذا إن لم تسمع منه كلمات عذبة تُشعرك بقيمتك وأهميتك لديه.
حينها ومن فرط سعادتك لا تشعر إلا بتلك السعادة ترتسم على شفتيك وتتمنى لو أن كل الصباحات كصباحك هذا، ولو أن كل السعادة كتلك السعادة التي تعيشها الآن، ولو أن هذه الأجواء الرائعة تدوم وتدوم وتدوم بل حتى وأنت مغمضٌ عينيك لم تفتحهما بعد، حينما تشعر ولو مجرد شعور أن من حولك قد بدأ يتوقف عن تلك اللمسات الحلوة والكلمات الجميلة، حينما تشعر أنك سوف تفتقد هذه السعادة الوقتية حينها ربما قلت له ودون مقدمات أكثر أكثر، لا تتوقف أرجوك، لا تسألني عن شيء أبداً ولا تنتظر رداً مني فقط دعني أستمتع بسكوتي وأنت معي، دعني أسافر وأرحل بعيداً مع أحلامي، دعني أجوب عُباب البحر وأتنقل بين المروج الخضراء ودعني أحلق في السماء بين السحب والغيوم دعني افكر في اللاشيء لأنني هكذا أريد.
فيا لذلك الجمال الذي نشعر به ويدق على أوتار قلوبنا ويشدنا إليه بنظراته التي هي أشبه بنظرات ذلك «الريم» الجميل الذي يطالعك من بعيد بعينيه الجميلتين المتحفزتين اللتين ترمزان إلى أشياء كثيرة ربما لا يدركها سوى من يعي جوانب الجمال بكل أبعاده تلك الأبعاد التي تجدها في جسمه الرشيق وفي وثباته المتناسقة بل حتى في جاذبيته حينما يحاول الهروب منك وهو قد بدأ يشعر باقترابك منه، وكأنه يقول لك: إن كنت تريدني فالحق بي، اتعب من أجلي فلست بصيد سهل، وأنت من شدة إعجابك به ومعرفتك لقيمته وجماله تقول في نفسك: أنت محق لا بد أن أتعب من أجلك ولا بد أن أسعى وراءك كي أحظى بك وأحصل عليك لأنك مطلب وأي مطلب، ولأنني أريد أن أحتفظ بهذا الجمال لي وحدي، مهما قيل عني من أنانية أليس الحب تملُّكاً؟.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved