هناك مقولة يطرحها كثير من المؤلفين وهي «ان من ألف كتابا فهو يعرض فكره أمام الناس» وأنا أقول ان من ألف كتابا فهو أيضا اعلان بقبوله النقد تلميحا أو تصريحا.. وهو بمثابة اعلان منه بقبوله النقد والملاحظات الهادفة فليس كل عمل كاملا.. والكامل هو وجه الله سبحانه وتعالى.. وفي يقيني ان أي مؤلف حينما ألف كتابا فهو يعرف ان هناك نواقص في مؤلفه ويسعى إلى اكمالها عن طريق القراء الذين يقرؤون الكتاب فهو لا يعرفها حتما.. ومن ادعى الكمال فهو يفترض المستحيل.. وقبول الملاحظات هو الكمال وهو الطريق إلى الرقي وهو علامة الثقافة العالية والتحضر المنشود.. ولقد لفت نظري أخيرا كتاب جميل من ثلاثة أجزاء لمؤلفه الأستاذ ابراهيم المسلم وهو «رجال من القصيم» وهو كتاب بذل فيه المؤلف جهدا مشكورا وحسب استطاعته.. وهناك عدد من «الملحوظات» التي أسوقها حسب «فهمي» للكتاب.. وأرجو ان تجد المناقشة من قبل أدباء القصيم والقراء:
أولا: جاء الكتاب تحت مسمى «رجال من القصيم».. فهو بهذا المسمى شامل لجميع رجالات منطقة القصيم دون استثناء ودون مدينة دون غيرها والقارىء لهذا الكتاب من خارج المنطقة سيأخذ انطباعا عن ان من ورد في الكتاب هم رجال القصيم «المشهورون» وكذا يجب ان يكون الكتاب. ولكن معظم من تحدث عنهم الكتاب هم من «بريدة».. وقد يكونون من معارف المؤلف أو من تربطه بهم علاقة.. ولم يتم البحث عن الرجال المشهورين.. ولكن ما هو الضابط لكي يعد أي رجل من رجالات منطقة القصيم ويتم ضمه إلى الكتاب.. في رأيي المتواضع انه يجب ألا يكون في الكتاب إلا من كان من الرجال المشهورين الذين أثروا على الحياة العامة في القصيم.. أو طال تأثيرهم على المجتمع.. وهذا من باب المكافأة لهم وتسجيل مآثرهم.. وقد أورد المؤلف في مقدمة الكتاب قوله:«يستوي من وصل إلى قمة المسؤولية في القطاع الحكومي أو وصل بجده واجتهاده إلى موقع من مواقع المسؤولية وكان له بصمة واضحة أثرت على حياتنا أو وصل تأثيرها إلى حياته الخاصة».. وفي رأيي المتواضع انه كان من المفترض ان يكون هناك ضوابط لاختيار الرجالات الذين يتم ضمهم في هذا الكتاب إذا كان كتابا منشورا عن «رجالات القصيم» ويتحدث نيابة عن القصيم ويباع في المكتبات.. أما إذا كان للتداول «العائلي الخاص» فليس هناك مانع من ان يضع المؤلف فيها معارفه ومن له بهم صلة خاصة بغض النظر عن الأدوار التي لعبوها كمعظم من ضمهم الكتاب.. كما يتضح من الكتاب ان الحديث هو ليس عن رجال بذاتهم.. وإنما عن «عوائل» بذاتها حيث ان المؤلف حينما يذكر رجلا من الرجال يذكر بعده أبناءه ويتحدث عنهم بالتفصيل وعن أعمامهم وعن جميع أفراد هذه العائلة.. فكان الأجدر ان يكون مسمى الكتاب هو «عوائل من القصيم».
ثانيا: يبدو ان لكبر سن المؤلف دوراً في عدم شمولية معلومات الكتاب والشخصيات التي وردت فيه.. كما يلاحظ التناقض الواضح بين ما ذكره الكاتب في المقدمة وبين ما تضمنه الكتاب من شخصيات ورجال. فقاعدته ان من وردوا في الكتاب ليسوا على قيد الحياة حيث قال«لم أحاول ان أكتب عن شخصيات لا زالت على موقع المسؤولية حتى لا يساء الظن وإنما بدأت من رأس العائلة حتى وصلت إلى من لهم تأثير واضح».. وهذا يناقض ما ورد في الكتاب من شخصيات هي لا شك تستحق الذكر ولكنه ناقض هذه القاعدة حيث ان معظمهم على قيد الحياة فعلى سبيل المثال فإن شهرة عائلة «الراجحي» هي من شهرة «سليمان بن عبدالعزيز الراجحي» و«صالح بن عبدالعزيز الراجحي» وهما على قيد الحياة وبدأ بذكر والدهم المتوفى، كما ذكر الفريق «عبدالله بن راشد البصيلي» وهو على قيد الحياة.. ولكن ما دام أنه ناقض هذه القاعدة فهناك رجال مشهورون جدا من مدن أخرى في منطقة القصيم وذوو مناصب عالية ومكانة مرموقة وكان من المفترض ان يكونوا على رأس قائمة رجالات الكتاب وخصوصا رجالات من مدينة عنيزة حيث لم يتم ذكر أي رجل من رجالاتها بخلاف الشاعر القاضي وكذلك من مدينة الخبراء.. وهذا ما يؤكد عدم شمولية معلومات الكتاب والتي كان يجب استقصاؤها بدقة حتى لا يساء الظن بالكاتب نفسه. وأنا أجزم انه لم يتعمد ذلك وإنما لقصور في المعلومات آمل أن يتم تلافيه في الأجزاء القادمة من الكتاب إن كان له بقية.
ثالثا: جاءت شخصيات الكتاب مختلطة بعضها ببعض في المجالات التي برزت فيها فهناك شخصيات برزت في التجارة وفي الأدب وفي العلم وغيره وحسب رأيي فإن من المناسب تقسيم الكتاب إلى فصول تشمل شخصيات بارزة في مجالات «طلب العلم، التجارة، الاقتصاد والسياسة، مناصب عالية، الأدب والشعر، الرتب العسكرية العالية، الطب والهندسة والمجالات العلمية.. وغيرها من المجالات» فإن ذلك أيسر للباحث نفسه عند اعداد البحث وأيسر للفهرسة والتبويب وأيسر في الرجوع للباحثين فهذا الكتاب سيعتبر مرجعا عن القصيم يرجع إليه كل باحث عن منطقة القصيم كما يجب ان تكون المعلومات فيه دقيقة.
رابعا: في الكتاب كثير من الأخطاء التي لا يمكن تصنيفها كأخطاء مطبعية نظرا لتكرارها مثل وضع كلمة مدينة «البكيرية» هكذا «البكرية» وذلك بحذف الياء الثانية في السطر 5 من الجزء الأول ص131 وتكرار نفس الخطأ في الأسطر 1، 5، 7، 9، 11 من الصفحة 113 والسطر 3 من الصفحة 114 فلو كان الخطأ مطبعياً لكان من كلمة واحدة فقط في اسم هذه المدينة المشهورة كما ان هناك بعض الأخطاء في التعليقات أسفل الصورة في الكتاب بالجزء الأول.
خامسا: هناك بعض الأخبار والتعليقات غير الدقيقة وغير المفهومة مثل التعليق الوارد في ص187 من الجزء الأول والذي يقول «حصان عربي اسمه مهلهل» يمتلكه الشيخ فوزان السابق، تزعم سباقات الخيول في مصر على امتداد سنوات، كان أحد الأسباب التي أدت إلى شمول المملكة إلى دولة منتجة للبترول.. وليس من المعقول ان يكون «حصان» أحد أسباب تحول المملكة إلى دولة منتجة للبترول، فقصة اكتشاف البترول في المملكة معروفة وهذا مثال على الأخبار الغامضة في الكتاب.. ولم يفسر لنا المؤلف كيف ان هذا «الحصان» أحد أسباب تحول المملكة إلى دولة منتجة للبترول.
سادسا: ان هذه بعض الملاحظات أو الهنات الهينات التي لا تنقص من قدر هذا الجهد القيم وإنما سقتها على قدر مبلغي من العلم.. وهذا الكتاب جهد غير مسبوق يجب أن يقوم مؤلفه بتطويره وشموليته وأتمنى أن أرى نقاشاً حوله عبر صفحات « ».
والله الموفق.
|