فلقد نشرت المجلة العربية في عددها رقم (297) الصادر في شهر شوال من هذا العام مقالة للأستاذ الوراق محمد بن عبدالله الحمدان حول كتاب «عنوان المجد في تاريخ نجد» للمؤرخ الشيخ عثمان بن بشر رحمه الله تعالى، وذكر أن الذي يعرفه من طبعات هذا الكتاب هي ثلاث عشرة طبعة، ولقد سبق للاستاذ منصور الرشيد أن ذكر بعض طبعات تاريخ ابن بشر في مجلة الدارة في العدد الرابع من السنة الرابعة ص 9091.
وقد قدم الاستاذ محمد مقالته بوصف عام للطبعات ب :«أن جلها لم يسلم من الملحوظات، حيث اعتراها النقص تارة، والتحريف تارة أخرى، والخطأ تارة ثالثة»، من دون أن يذكر مميزات كل طبعة وعيوبها، وذلك عندما فصل الحديث عن الطبعات، وحسبي به وهو الوراق المشهور أن مثل هذا الأمر لا يفوته لذا رأيت من المناسب أن اضيف على مقالته بعضاً من التفصيل.
1 طبعة العراق عام 1328ه، وطبعت في مطبعة الشابندر، وهذه الطبعة صححها الشيخ محمد بن عبدالعزيز المانع، وسليمان بن صالح الدخيل، وهي أول ما نشر من تاريخ ابن بشر حسب كلام الشيخ حمد الجاسر في مجلة العرب السنة الخامسة الجزء العاشر صفحة 894، لكنها طبعة مختصرة، وقد علق عليها الشيخ محمد بن مانع ببعض التعليقات، كما أن في هذه الطبعة زيادات غير موجودة في الطبعات الأخرى، مثل ترجمة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبا بطين في ص (107 110)، ( وقد أورد هذه الترجمة الشيخ عبدالله البسام في كتابه «علماء نجد خلال ثمانية قرون» (4/230231) مقدما ترجمته بما نصه :«قال ابن بشر في نسخة مخطوطة من عنوان المجد خاصة عندي لم أجد مثلها في الطبعة الأولى، ولا الثانية»، ثم أورد نص هذه الترجمة، فهل لدى الشيخ البسام نسخة فيها زيادات تختلف عما هو متداول أم ماذا؟!، فهل هذا تصرف من الناشر أم أنها موجودة في الاصل الذي اعتمد عليه؟!، لكن بعض الباحثين يرون عدم صدق وصحة ما يورده الاستاذ سليمان الدخيل، ومن هؤلاء الشيخ حمد الجاسر حيث يقول عن كتاب تحفة الالباء في تاريخ الاحساء للدخيل :«فكاتبها والله يغفر له لم يكن يتحرى الدقة في كل ما يكتب» (مجلة العرب س10، ج56، ص 440) . بل أن الاستاذ رفائيل بطي يذكر أن معظم الاخبار التي كان يكتبها الدخيل في جريدته هي من مبتدعاته، كما أن الدخيل ألف كتاباً وسماه حساب الجفر ونسبه إلى ابن العربي الصوفي وهو من مؤلفاته. (انظر كتاب الصحافة في العراق ص29 لبطي، وانظر ايضاً كتاب لغة العرب ورئيس كتبتها انستان الكرملي للشيخ أبو عبدالرحمن الظاهري وأمين سيدو ص16)، وقد ذكر الشيخ محمود شكري الألوسي في رسالة له إلى الشيخ جمال الدين القاسمي مؤرخة في غرة شعبان سنة 1329ه وهو يتحدث عن طباعة عنوان المجد بأن :«طابعه كذاب أشر» (انظر الرسائل المتبادلة بين جمال الدين القاسمي ومحمود شكري الالوسي ص157158). وقد نقد هذه الطبعة انستاس الكرملي، في مجلة لغة العرب، السنة الأولى، الجزء الثاني عشر ص 488، فقال :«وهذا الكتاب سقيم الطبع كثير الاغلاط سيىء الورق لا يكاد القارئ يمسكه بيده لقبح منظره، غير أن محتوياته تهون هذا الخطب وتجرئ المطالع على تصفحه رغماً من الاشمئزاز الذي يشعر به عند وقوعه بين يديه..».
2 طبعة مكة المكرمة عام 1349ه، وهذه الطبعة هي أصل الطبعات التي تلتها (طبعة عبدالمحسن أبا بطين عام 1373ه، طبعة مطابع القصيم عام 13851388ه، طبعة وزارة المعارف الأولى عام 1387ه، وطبعة مكتبة الرياض). وقد ذكر الشيخ حمد الجاسر في مجلة العرب، السنة الرابعة، ملحق الجزء الثاني عشر ص 1162: (الطبعة الأولى التي طبعت في مكة، كأن اصلها من مخطوطات الخزانة السعودية التي كانت في مدينة الرياض في سنة 1350ه، وهي تعد من أولى مخطوطات هذا التاريخ، وكنت وأنا إذ ذلك طالب في المعهد العلمي السعودي أرى من استاذي الشيخ محمد بن عبدالرزاق حمزة المدرس في المعهد تجارب الطبع، حيث طُلب منه أن يوضح بعض معاني الكلمات العامية، ويضبط بالشكل بعض اسماء المواضع، وقد رأيت عنده أصل المخطوطة وهي بخط لابأس به، ولكن من المؤسف أن المشرفين على الطبع ماكانوا يتقيدون بذكر كل ما في المخطوطة، وخاصة ما يعتبرونه من الحواشي والزوائد، وهي من الأمور التي لو ذكرت في الطبعة لاضافت بعض معلومات تهم الباحث والمؤرخ..).
3 طبعة وزارة المعارف الأولى عام 1387ه بتحقيق لجنة برئاسة الشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ، وقد كتب الشيخ حمد الجاسر في مجلة العرب السنة الثانية الجزء الثالث ص 285287 كلمة حول هذه الطبعة، وفي الجزء الرابع من نفس السنة كتب الاستاذ عبدالله بن علي الماجد ص 354359 كلمة ذكر فيها أنه شارك مشاركة يسيرة في تحقيق هذا الكتاب. وكانت الوزارة قد طلبت من اللجنة المكلفة بالتحقيق بجرد السوابق وجعلها في آخر الكتاب.
4 طبعة وزارة المعارف الثانية عام 1391ه وهذه الطبعة لم تُذكر في المقال وقد حققها الشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ، وفي آخرها السوابق، ثم كتاب عقد الدرر للمؤرخ ابراهيم بن عيسى، وقد نقد هذه الطبعة الاستاذ عبدالله بن خميس، في مجلة العرب السنة 15، العدد 3 4، ص 299206، وهذه الطبعة هي الطبعة الأولى التي اعتمد فيها على مخطوط للكتاب في المتحف البريطاني في لندن، وعلى نسخة خطية مكتوبة سنة 1297ه، ذكر أنها «تحت ملك أحد العلماء» وهي لفضيلة الشيخ عبدالله البسام، وقد قامت دارة الملك عبدالعزيز باصدار فهرس لهذه الطبعة اعده الاستاذ أحمد مرسي عباس.
5 طبعة دارة الملك عبدالعزيز عام 1402ه، وقد استشكل على الاستاذ محمد الحمدان أن تكون هذه الطبعة هي الطبعة الرابعة، كما كتب عليها وعلق انها الطبعة الحادية عشرة، ولم يدرك أن المقصود، أن هذه الطبعة هي الطبعة الرابعة التي حققها وعلق عليها الشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف. وهذا الطبعة هي نفس طبعة وزارة المعارف الثانية والثالثة، وقد أعادت الدارة تصويرها مرتين، وذكر الشيخ عبدالرحمن في مقدمته أنه سيلحق في آخر الجزء الثاني كتاب عقد الدرر، لكن المطبوع خلا من ذلك، كما يلاحظ في هذه الطبعة وطبعتي وزارة المعارف الثانية والثالثة أن الشيخ عبدالرحمن إذا لم يستطع قراءة الكلمة أو استشكلت عليه يكتبها كما فهمها أو يتصرف بها، مثل كلمة ألا كل ذكر أنها الآكل (2/81)، وكلمة من غير حله ذكر أنها من غير حيلة (2/81)، وكلمة صبحا ذكر أنها صيحا (2/306)، وكلمة محمد الذي ذكر أنها محمد أفندي (2/314)، وغير ذلك.
6 طبعة دار الحبيب عام 1420ه، وهي بتحقيق وتعليق د. محمد بن ناصر الشثري، وقد ذكر المحقق أنه حصل على مخطوطة للكتاب وقارنها بالمطبوع دون أن يذكر مكان المخطوطة، ودون أن يذكر المطبوع التي اعتمد عليها، وبامعان النظر في تحقيقه اتضح لي أن الاصل الخطي الذي اعتمد عليه هو صورة عن النسخة المحفوظة في المتحف البريطاني بلندن، وأن النسخة المطبوعة التي قارن بها هي نسخة المطبعة السلفية.
وطبعة الشثري عليها ملحوظات علمية ومنهجية كثيرة، ومن المستغرب أن يطبع مثل هذا التحقيق إذا صح لنا تسميته بذلك، لأنها توهم القارئ أنه قد اتبع فيها المنهج العلمي الصحيح في التحقيق، بيد أن الحقيقة خلاف ذلك.
وقد امتدح الاستاذ الحمدان الدكتور الشثري، فذكر أنه توسع في ترجمة مؤلف عنوان المجد واولاده واحفاده، إلا أنه خلط بين كلامه وكلام الشيخ البسام، فلم يفصل بينهما بفاصل، وهذا الكلام خلاف للواقع، لأن الترجمة كاملة من كلام الشيخ البسام، وليس للدكتور الشثري أي دور فيها، بل ان التعليقات التي في الكتاب هي من تعليقات الطبعة السلفية.
أما الطبعة الهندية التي اشار إليها الريحاني وسماها علو المجد، فيبدو لي أنه لا وجود لهذه الطبعة، وذلك أني رجعت إلى مراجع عديدة تكلمت حول الطباعة العربية في الهند، وببليوغرافيا حول ما طبع في الهند، فلم أجد ذكراً لهذه الطبعة، كما راجعت العديد من المكتبات العامة والخاصة في المملكة وخارجها، فلم أجد اشارة لهذه الطبعة.
واود أن اشير إلى أن الاستاذ الحمدان ذكر في بداية حديثه إلى أنه سمع عن طبعة جديدة تعتزم دارة الملك عبدالعزيز القيام بها، وهذه الطبعة ومن خلال اطلاعي الشخصي ووقوفي عليها ستكون بإذن الله عز وجل طبعة روعي فيها اسس التحقيق العلمي الرصين، وجمعت لها النسخ الخطية، حيث تمكنت الدارة من جمع أربع نسخ لهذا الكتاب وهي : نسخة المتحف البريطاني ، ونسخة الشيخ عبدالله البسام، ونسخة البنيان في حائل، ونسخة الإمام عبدالله الفيصل والتي تكرمت مشكورة مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بتصويرها للدارة، ومن خلال ما سبق أظن أن الجهد المبذول لاخراج هذه الطبعة سيخرج لنا بإذن الله طبعة متميزة ومحققة تحقيقاً يليق بهذا الكتاب.
وفي الختام أود أن ازجي جزيل الشكر للاستاذ/ محمد بن عبدالله الحمدان على مقالته، وأرجو أن أكون قد وفقت فيما ذهبت إليه.. والله أعلم.
* دارة الملك عبدالعزيز |