سمعنا خلال زيارة الإرهابي شارون لواشنطن كلاماً من بوش حول رفض دعوة شارون لقطع العلاقات مع عرفات لكننا سمعنا أيضاً من بين أركان الإدارة الأمريكية من يحث الإسرائيليين على شنق عرفات.
وتبقى الكلمة الأخيرة للرئيس بوش ومع ذلك فإن لبوش نائباً هو ديك تشيني لا يرى ما يمنع من شنق عرفات.. وكل ذلك لا يفيد في تبين موقف أمريكي واضح تجاه ما يحدث حالياً.. وعلى الأرجح انه يعكس صراعا داخل سلطة بوش حول هذا الموضوع المهم المتعلق بالشرق الأوسط..
إذن فشارون يعود من هناك مستصحبا كل هذا التناقض في المواقف، وعلى الأرجح فإنه يميل إلى الرأي الذي يتفق مع عقليته الدموية، وسيكون رأي تشيني عالقا بذاكرته وباعثا لتحركاته القادمة إلا إذا عمد بوش إلى تذكيره بأنه ينبغي عليه أن يتخلى عن ذلك.. فشارون لا يزال يأسف لعدم تصفية عرفات عند اجتياح بيروت.
التحديد في الموقف الأمريكي يبدو مهما طالما أن الكثير من الأمور تعتمد على الطريقة التي تتصرف بها واشنطن تجاه النزاع العربي الاسرائيلي، خصوصا أن واشنطن أظهرت الكثير من التباينات تجاه عرفات..
فالكثيرون في إدارة بوش يتحدثون عن ضرورة اقصاء عرفات، وعندما توجه شارون إلى واشنطن كان يتوقع أن يسمع رأياً عاماً وواحداً تجاه هذا الأمر بما يتفق مع تصوراته لكن تأكيدات بوش بضرورة التعامل مع عرفات شكلت صدمة قوية له،
وهكذا فهو سيعود محبطاً بل جريحاً، لكنه سيعمل على انتقاء الأقرب إلى نفسه من بين ما سمعه هناك.. والأفعال دائماً هي الأوقع أثراً من الكلمات، ولهذا فإن المطلوب من إدارة بوش ان تسعى لتحجيم هذا الانفلات الاسرائيلي الجامح لإزالة عرفات من الوجود لأن مصداقية واشنطن تأثرت كثيراً بتصرفاتها تجاه عرفات،
وعليها أن تحاول اعادة قدر مما فقدته وتسهم بالتالي في تحريك عجلة السلام بما يتفق ومقتضيات الشرعية الدولية، خاصة أنها تحتاج حالياً إلى من يساندها في حملتها العسكرية الواسعة النطاق.
وإلى ذلك فإن وصف زيارة شارون بالفاشلة لمجرد ذلك التصريح الرئاسي الأمريكي باستمرار العلاقات مع عرفات على الرغم من أهميته، يعتبر أمراً غارقاً في التفاؤل.
وعلينا ملاحظة ما يحدث على الأرض في المستقبل القريب لاستشفاف ما لم يقل أمام الصحافة والكاميرات في واشنطن.
|