** بعض الأنظمة واللوائح.. تنشر من أجل حالات استثنائية فقط.. ولمعالجة حالات نادرة تستفيد من هذه النظم الاستثنائية فقط.. لكن.. لا يمكن بأي حال أن تكون قاعدة يبنى عليها.. ويستفيد منها الجميع لأن أسباب وجودها هو الاستثناء وليس العادة.. فهي ليست قاعدة بل استثناء.
** لكن الملاحظ.. أننا نبدأ بالشيء استثناءً فقط.. ولفئة محددة معينة يشملها هذا النظام الاستثنائي.. ثم يتوسع هذا النظام حتى يكبر اتساعه شيئا فشيئاً.. فيصبح القاعدة.. ويصبح هو السائد .. ومتى تفشى واتسع وانتشر هذا الاستثناء.. فإن الجهات المعنية تتنبه «مؤخراً» ثم تلغيه أو توقفه .. فيخرج منه الذي سن وشرع من أجله بسبب ظروفه الاستثنائية.
** هكذا نحن دوماً «شطار» في التحايل ولا يرضينا النظام والواقع.. نبتعد عن الواقعية ونبحث عن المخارج.
** متى وُضع نظام محدد معين «مضبوط» ندقة.. انهالت أوراق وبرقيات ومعاريض وشفاعات طلب الاستثناء من هذا النظام.. والكل يدعي ظروفه الاستثنائية الصعبة.. ويطالب بشموله بهذا النظام الذي سُن من أجل معاق أو فقير أو مريض أو يتيم أو أرملة أو متخلف أو من له ظرف استثنائي صعب.
** تذكرت كل ذلك.. وأنا أسمع قصصاً مضحكة حول شئون وشجون المعلمات أو الاداريات المناوبات في مدارس البنات.. واللاتي يجلسن بعد نهاية الدوام المدرسي لمتابعة خروج البنات من المدرسة بشكل طبيعي .. ومراعاة حالة من تستدعي ظروفها التأخر لسبب استثنائي نشأ أو طرأ عند ولي أمر الطالبة هذا اليوم فقط وليس كل يوم.
** فهذا النظام.. سنته الرئاسة لما قد يطرأ على ظروف أولياء الأمور من مشاكل أو تبعات طريق أو ظروف استثنائية تجبر ولي الأمر قسرا للتأخر ذلك اليوم فقط ولكن.. أن يصبح هذا الأمر ديدناً وعادة ونظاماً .. فهذا ما لم تُشرع المناوبة من أجله.
** بعض الآباء والامهات .. جعلوا هذه الحالة الاستثنائية.. هي القاعدة... ولو سألت أحدهم وهو يتجول من الفراغ بعد صلاة الظهر .. تاركاً ابنته أو بناته في المدارس.. لقال لك.. (والمناوبات وش شغلهن.. خلهن يحللن رواتبهن»بمعنى.. أن على المناوبة المسكينة .. ان تترك بيتها وزوجها وأولادها من أجل أن «تلعّب» بناته حتى بعد صلاة العصر و«تْبزاهْن» ثلاث ساعات بعد الدوام اليومي المدرسي.. وكل يوم.. وليس يوماً في السنة كما سُن النظام..
** فالمدرِّسة أو الادارية المناوبة.. تعاني وتكابد الأمرين .. من لحظة الانصراف من المدرسة حتى يتفضل آخر ولي أمر لاستلام ابنته حتى لو بعد المغرب.. (والويل لمن يتكلم أو يشتكي أو يناقش ولي الأمر هذا).
** يحكى قصص مضحكة عن المعلمات المناوبات.. ابتداءً من شراء سندويتشات وغداء للبنات المتخلفات.. خوفاً من الجوع الشديد الذي يحل بهن.. ومروراً بقياس درجة الحرارة لمن هي (مزكومة) واعطائها «تينانول» و«تنبرا» و«بنادول» وشراب كحة.. وانتهاءً بملاحقتها في كل غرفة وممر خشية أن تخرج من المدرسة بسبب الاعياء الذي يلاحقها.. نتيجة تأخر ولي أمرها.. أو إيقاظها من النوم فيما لو غلبها النوم بعد حالات الاعياء تلك..
** أما الامهات.. فبعضهن لا تصحو من النوم .. الا بعد صلاة العصر.. ولا يهمها أبداً.. متى يحضرن البنات.. لأن هناك مناوبات في المدرسة مهمتهن «يْبزَنْ» البنات الى بعد العصر.. من أجل راحة وهدوء أعصاب الأم وهي نائمة بدون ازعاج.. والويل للمدرسة.. لو اتصلت وقالت.. تعالوا خذوا بناتكم.
** بل ان بعض الآباء والامهات.. يتهربون من الرد على المدرسة ويغلقون الجوالات حتى لا يتم الاتصال بهم الساعة الثانية أو الثالثة عصراً.. ويقال لهم.. خذوا بناتكم لو سمحتم.. فهؤلاء الآباء والامهات يأخذون راحتهم.. والمدرسة والمعلمات مسؤولات عن جميع البنات.. حتى يتفضل ولي الأمر ويحضر لاستلام ابنته.. حتى لو كان ذلك بعد صلاة المغرب.
** ليت الرئاسة تطلب من كل مدرسة معلومات عن أبرز المواقف الطريفة لتأخر البنات بعد الدوام الدراسي وكيفية تعامل الآباء والامهات مع هذه الحالة الاستثنائية.. التي تحولت الى حالة عادية بنسبة «100%» وهل من نظام الرئاسة وظيفة مسماها «مناوبة؟!!».
** وليت الرئاسة تعيد النظر في هذا النظام وتسن نظماً ولوائح تعاقب أولياء الأمور الذين تتكرر منهم حالات التأخير تلك.. فالمدرسة ليست دار رعاية لمن يهملهم والدوهم حتى قرابة المغرب وبشكل شبه يومي.
** هل تصدقون.. أن بعض المعلمات والاداريات تُمرض مرضاً يوم المناوبة وتضطر لملازمة السرير بعد هذا اليوم الشاق بل ان بعضهن تصاب بأزمات كنوبات الضغط والسكر والربو بسبب هذه المناوبة المشؤومة.. ومن هو «السنافي» سواء في الرئاسة أو في غيرها يدوام عشر ساعات في اليوم؟!!
** وهل تصدقون.. أن بعض الآباء أو الامهات «يشتمون وبصوت عال.. المعلمة المناوبة أو الادارية المناوبة.. فيما لو اتصلت بعد المغرب تسأل «أين أنتم عن بناتكم».
** أين الحل؟!
|