|
عفوك قارئي العزيز.. دعني أقول فكرة لا تهم أحداً.. فأنا أخاطب ذاتي هنا، جازما أقول لها إنني لا أدّعي الشجاعة غير ان لدي كل الجرأة لأن أُعلن على رؤوس الأشهاد أنني لن أناور «الإفلاس الفكري».. لن أروغ عنه..، لن أراوغ غاراته..، لن اتفادى حتمياته، لن أمنحه الفرصة لأن يسرق مني الغيرة على قلمي، فللأقلام كرامة توجب الغيرة، لهذا فعلى نفسي قطعت وعداً قبل ان أبدأ، وعليها أخذت عهداً بعد أن بدأت، بأنني سوف أرحل قبل اللحظة التي يداهمني فيها أول عرض من أعراض الإفلاس..، سأفعل ذلك قبل أن يهمس الجمع، ويتمنى الجميع ذلك..، حتما لن أناور القدر، بل سوف استجيبه، لن استبدل العكاز بالقلم، لن امتطي متن الفكر الكسيح.. فأصر على قطع يبابات التفكير، وحينئذ يقتلني في البيداء الظمأ..
*** «الخلجنة» هدف يطمح اليه كل مواطن من مواطني مجلس التعاون الخليجي، غير أن ثمة أمورا يستلزم مراعاتها حين السعي الى تحقيق هذا الهدف. فبادىء ذي بدء يجب أن نعلم أن هناك تنافرا تاريخيا بين السياسة من جهة والاجتماع والاقتصاد «الداخلي». عليه فمن الواجب ألا يتم التعامل مع موضوع اجتماعي/ اقتصادي كالخلجنة بوصفه موضوعا سياسيا. ويجب كذلك ألا «يؤكدم»، وأعني بذلك ضرورة ألا يعهد بمهمة تحقيقه الى الجامعات والمراكز الأكاديمية، ففي التنظير «تخدير» و«لقمة العيش!»، لا تحتمل ذلك، «فقطع الأعناق ولا قطع الأرزاق» حقيقة لا تفقه بعض العقول المؤكدمة بالجهل خطورة تبعاتها. أما الحل فيتعين بدراسة وسائل نجاح الخلجنة انبثاقا من التعامل معه كهدف بعيد المدى، مع ضرورة مراعاة التوفيق بينه والجهود المحلية لتوطين الوظائف في كل دولة على حدة. وهنا يجب منح القطاع الخاص في الخليج فرصة الالتحاق بامتحان مادة الوطنية «للدور الثاني!»، فلعل وعسى أن يكون النجاح حليفه هذه المرة، حيث يعهد بمهمة تحقيقه الى هذا القطاع، ولاسيما ان ثمة العديد من المؤشرات المنبئة عن ان القطاع الخاص الخليجي سوف يسهم في عملية «التغيير» الاجتماعي بكميات أكثر مما كان له في السابق. خصوصا حين نأخذ في الحسبان ظواهر العولمة ومستجداتها، والتوسع في برامج الخصخصة الاقتصادية، وأفول مفهوم «دولة الرفاهية: welfare state»، وبدء انحسار التأثير المباشر للدولة في بعض الشؤون الداخلية، على عكس ما ساد في السابق من اتجاهات وآراء جعلت من الدولة الخليجية «أضخم جهاز توظيفي في العالم»، مما أدى بالتالي الى «اغتراب وتغرب» القطاع الخاص، ومعه الحق في ذلك، حيث ولد وشب عن الطوق بمعزل عن«التربية الوطنية» اللازمة، فلم يتم تنويره أو تحذيره من أن الجميع كما يقول المثل الغربي:«.. في مركب واحد» حيث النجاة أو الغرق للجميع، عليه فيجب منح هذا القطاع فرصة «التكفير» عن ذنوبه، غير أنه يجب فعل ذلك تحت أنظار الجميع، وليس خلف كواليس الصفقات وأروقة العمولات، فهذا النهج هو من ضمن أهم العوامل التي أدت الى استعصاء تطويع هذا القطاع لكي يقوم بواجباته الوطنية..، فيوظف مستهلكي منتجاته.. مواطني وطنه!. *** في معرض تحليله للأدوار التي تلعبها الموروثات الخاطئة في تأصيل وديمومة التخلف، ذكر مؤلف كتاب « Crowd The Lonely»، أو «الجمهرة الوحيدة، 1961»، العالم الأمريكي:«ريسمان».. ذكر أن مجموعة من المزارعين «العرب!» البسطاء قد مسهم الضر من جراء الغارات التي يشنها على محاصيلهم الزراعية مجموعة من بني قومهم الخيالية أو «الحنشل!». الغريب والقول للمؤلف أن «هؤلاء وأولئك»، يقصد الفلاحين ومهاجميهم، ضحايا لموروثات خاطئة، أعمت منهم البصر والبصائر، فلا الفلاحين أدركوا أهمية اقتناء خيل يدافعون بها عن أنفسهم، ويدفعون بها الضرر عن محاصيلهم، ولا الغزاة أيضا فكروا بالاستقرار وفلاحة الأرض، مما سيغنيهم عن حياة النهب والسلب والتشتت..!! أما تعليقي على هذا القول البالغ من العمر ما ينيف عن «40 عاما» فبصيغة سؤال نصه: هل يا ترى أن الحال قد طالها التغير؟!.. فشخصيا لا أعتقد ذلك، استدلالا بأن غارات السلب والنهب العربية لا تزال قائمة، غير أنها تطورت مع الزمن فأضحت غارات فكرية، وذلك في حال اعتبرنا ان الفكر «أرض خصبة!»، غلتها الأفكار، وفلاحوها المفكرون..، أما الخيل فهي بالطبع الألسن والأقلام ومشتقاتهما..! |
[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
|