Wednesday 6th February,200210723العددالاربعاء 23 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

غرفة العمليات تتحدث العربية

اختلف الساكن هذه المرة... ساكن تلك المساحة البيضاء... التي اتفق الجميع على تسميتها بالشاشة الفضية... ما يبث من خلالها هذه المرة ليس آخر فيلم لأحمد زكي... كما أنه ليس حلقة من مسلسل الحاج متولي... وبطبيعة الحال لم يكن صراعاً كروياً من أي نوع...
اختلف الساكن لتلك المساحة البيضاء هذه المرة
إنها دماء تتدفق
عبر شرايين.. بين أنامل
هي بها أرفق
مشاهد حقيقية.. كستها الإنسانية...
أزهى وأبها حللها
مشاهد حقيقية أحاط بها الفخر والنجاح فأحالها إلى كائن حي سرى في عروق جميع من حضر في تلك القاعة ليحرك أكفهم وحناجرهم...
الأكف تهتف للنجاح.. نعم بكل معاني النجاح وأبعاده....
والحناجر تلهج بالدعاء لله...
المكان إحدى قاعات المحاضرات بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني..
الزمان من السابعة صباحاً وحتى الخامسة عصراً... اليوم واحد من أيام الإنجاز... المشهد سواعد سمراء من طين هذه الأرض... بلون سنابل القمح وبشموخ أعناق النخيل... يقودهم فارس سيفه مشرط... وغايته نبل وعطاء... الفارس الجراح عبدالله الربيعة يتقدم ثلة من شباب الوطن... وسط أحدث الأجهزة والمعدات وبينهم ترقد طفلتان... التصقتا ببعض ليس بالضرورة حباً.. ولكن هي إرادة الله تأوهت الأم عند رؤية نجلاء ونسيبة لأول مرة...
أخذ الأب يقلب الأمر ذات اليمين وذات الشمال ترى.. ما عساه يفعل؟؟
إمكانياته الشخصية لا تستطيع فصل نجلاء عن نسيبة وان استطاع تدبير المال اللازم بعد إعلان حالة الطوارئ لدى الأقارب والحبايب والجيران فأين تتوفر المستشفى التي تملك الكادر البشري المتخصص بمثل حالة تلك التوأمتين السياميتين..
لم تكن الخرطوم بعيدة عن قلب العرب الكبير عبدالله بن عبدالعزيز كما هي كل مدن وقرى الوطن العربي...
لتمتد يده الحانية تمسح عين تلك السيدة المكلومة وترفع عن كاهل ذلك الأب الحائر حيرته وتشير إلى قلعة طبية عربية برياض الخير تهدي عبر إنجازاتها البسمة والأمل بعون الله..
تمددت الطفلتان على تلك المنضدة التي تتوسط غرفة العمليات..
تبدأ حركة أطرافهما تسكن شيئاً فشيئاً يتكامل الفريق الطبي حولهما.. في إجراء تحضيري لهذه العملية الكبيرة التي سيتم فيها فصل الأختين عن بعضهما.. يدخل إلى القاعة الفارس الجراح تعلو محياه ابتسامة الثقة بالله وبالذات.. فلم تكن تلك العملية هي الأولى فقد أجرى قبلها عدداً من العمليات المماثلة والناجحة بحمد الله وكانت أكثر تعقيداً من عملية نجلاء ونسيبة..
حرص كثيرا على طمأنة الأم والأب وكان أكثر حرصاً على رسم صورة صادقة لهذا الوطن...
توالت بعد ذلك أحداث العملية فأخذت أنامل عبدالله الربيعة تصول وتجول في المنطقة الحدودية بين نجلاء ونسيبة ورغم أعجمية الالات المحيطة به إلا أن لسانه كان عربياً... حيث أخذ يقدم شرحاً مبسطاً لكل خطوة يقوم بها باللغة العربية.. مما دفع أحد كبار السن الموجودين بالصالة إلى رفع صوته بالحمد والشكر لله.. وعندما سألته عن سر تلك النبرة المسكونة بالخوف والرجاء ..قال..
يا ولدي كنا وإلى وقت قريب جداً لا يتجاوز ثلاثين عاماً نطلب العلاج لأمراض بسيطة في لندن وباريس لخلو بلادنا من المستشفيات الراقية.. واليوم أشاهد أخطر عملية ومن يقوم بإجرائها؟ ابني وأخي وعمي وخالي قصدي من عيال الديرة... وفوق هذا تستخدم لغتنا العربية بغرفة العمليات..
رفع يديه بقوة إلى السماء وقال الحمد لله.. قلت خلفه الحمد لله وهنيئا للوطن.

صالح الصقعبي

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved