عندما تظهر افكار واختراعات البعض الجديدة الى الملأ، يتساءل بعض آخر كيف انهم لم يتنبهوا الى المبدأ الذي قام عليه مثل هذا الاختراع او التجديد رغم انه كان في متناولهم وامام اعينهم لفترة طويلة من الزمن؟ قائمة هذه النوعية من الابتكارات طويلة وواحدة منها ربما تكون في طريقها للوصول الينا قريبا وتتمثل ببساطة في تغيير الكيفية والنظام الذي يتم عبرهما تخزين وعرض الملفات والايقونات على شاشة الحاسوب وهي الملفات والايقونات التي نستعملها في تخزين قواعد البيانات والمعلومات الخاصة بكل فرد منا، اذ لاحظ البعض من المتخصصين في علوم الحاسوب الآلي ان نظام «مجاز سطح المكتب» الذي يتم استعمالها من قبل السواد الاعظم والقائم على الفكرة التسلسلية للملفات يقوم بتخزين الملفات الالكترونية من دون اي ترتيب واضح بشكل اقرب ما يكون الى تلك الخزانات الاستيعابية المتوزعة بشكل عشوائي في مختلف المساحات التخزينية الحاسوبية بحيث انه كلما زاد عمر الجهاز الحاسوبي وحجم استخدامه وبالتالي زادت الملفات التي تم تخزينها وايداعها على القرص الصلب، كلما كان امر الوصول الى ملف ما مصدر ازعاج بل وصداع رأس.
«ديفيد غليتز» استاذ علوم الحاسوب الآلي في جامعة «بيل» الامريكية العريقة الشهيرة سابقا وصاحب شركة mirror worlds technologies حاليا، يحاول في الوقت الحاضر ان يجذب الانظار الى فكرة جديدة وبديلة ولا يكف ابدا عن تسويقها في الاوساط التقنية، او بالاحرى يمكن اعتبارها مبدأ جديدا اسماه scopeware وهو الاساس لبرنامج حاسوبي يعتقد «ديفيد» انه قادر على تنظيم الملفات الحاسوبية المختلفة والمتنوعة المحتوى بالاعتماد على التسلسل الزمني وعرض هذه الملفات على شاشة الجهاز الحاسوبي من منطلق إعطاء الاولوية في العرض لآخر ملف تم تشغيله والعمل عليه.
والحقيقة هي ان كيفية عمل البرنامج اكثر تعقيدا من مجرد اعادة ترتيب الملفات على ذلك الشكل، بل ان البرنامج يقوم بنقل مهمة ضبط الساعة الزمنية والتوقيت الخاصيين بأي ملف من عقل المستخدم البشري ودماغه الى الجهاز الحاسوبي بكل دقة يصبح معها من السهولة على هذا البرنامج ترتيب الملفات على اساس زمني اكثر مرونة وسهولة وهذه التقنية الجديدة تبدو اكثر فائدة وعلى درجة عالية من العملية مقارنة بالتقنية المتداولة حاليا والتي تتبدي مشاكلها عندما نحاول العثور على ملف ماتسينا الموضع او الموقع الذي تم تخزينه فيه كما ان التقنية المستعملة حاليا تتضاءل فائدتها مع ازدياد اعداد الملفات والمعلومات التي يتم جلبها من الشبكة العنكبوتية لانها في الاصل تضع حملا ثقيلا وعبئا كبيرا علي عقولنا نحن وأدمغتنا البشرية نحن الذين يتعين علينا ان نتعامل مع الاعداد المتزايدة من الملفات والمعلومات ذلك ان سرعة تزايد كمية وحجم مثل الملفات تفوق وبشكل كبير قدرة عقولنا على التفكير كما انها تفوق ايضا حجم ذاكرتنا البشرية وهذا هو بعينه السبب الرئيسي الذي يحفز كثيرا من الباحثين وكبرى شركات التقنية والبرمجيات، وعلى رأسها شركة مايكروسوفت الى البحث عن خيار بديل وافضل يقوم على اسس مشابهة تقوم عليها وسائل ايصال معلومات كالكتب والاقلام والانظمة ثلاثية الابعاد التي تتمحور حول قدرتنا على الشعور والاحساس بالحيز المكاني الايجابي ذلك الشعور الوهمي بأن الشاشة تحتوي على بعد ثالث لا يقتصر على الطول والعرض بل والعمق ايضا بحيث يصبح في الامكان ان نرى ملفا موجودا في الداخل وملفا آخر اقرب منه الى اعيننا ومجالنا البصري بالاعتماد على درجة اهمية كل ملف، او بالاعتماد على ذلك المبدأ الذي تستند عليه بعض الالعاب الالكترونية وهو مبدأ المساعد الذكي الذي يقدم لنا العون في البحث عما نريده، او حتى الاعتماد على نظريات ثورية فعلا ربما تتبدل معها افكار تجاه تعريف ماهو الجهاز الحاسوبي وكيفية التعامل معها مستقبلا.
جميع ذلك يبدو ارهاصا واضح المعالم له جذوره على ارض واقع العالم الحاسوبي بأن مبدأ مجاز سطح المكتب ربما استنفد اغراضه وبدأ في اظهار كثير من القصور تجاه حاجاتنا الحاسوبية لأن ذلك المبدأ قام على افتراضات معينة عن كيفية عمل الجهاز الحاسوبي لم يعد لها على ارض الواقع سند او دليل.
|