Wednesday 6th February,200210723العددالاربعاء 23 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

خواطر
عزل الدين
د. عبدالمحسن محمد الرشود

أحرز الغزو الفكري الغربي والشرقي بعض الأهداف المبتغاة خلال فترات طويلة، لكنه لم ينجح في تشكيك الجماهير العربية والإسلامية بجوهر العقيدة الإسلامية. وعندما لم يجد هذا الغزو الاستعماري نجاحه في حملات التنصير التي جُهّزت بالرجال والأمـوال والإعــلام بأنواعــه المختلفــة بدءاً بالطرود البريدية وانتهاء بأشرطة الكاسيت. عندما أحس بالفشل اتجه إلى الاقتصاد والاستثمار في فرض التبعية الاقتصادية وإعطاء الوعود المعسولة بالرخاء والنماء، ومع ذلك لم يكسب ثقة العالم العربي أنظمة وجماهير، فكانت المقاومة الوطنية المتعددة وأُعلن الجهاد ضد الاستعمار وكان العامل المشترك في تاريخ المنطقة العربية خلال القرن العشرين. ولم ييأس المستعمر من العمل على تنفيذ مآربه وأهدافه وهي قتل الروح الإسلامية لأنها «أي الصحوة» المشكلة الكبيرة لدى الغرب وخصوصا بعد سقوط الشيوعية تحت جدار برلين.. فماذا عملوا وما زالوا يعملون؟
- عمدوا إلى عزل الدين وربطه بالإرهاب والعنف في عدد من الدول العربية وأبعدوه عن القيام بدوره الصحيح في ا لمجتمع المسلم.. كيف ذلك، يقول العميد المهندس ركن سبأ باهبري في كتابه الجديد «الحرب النفسية» «ط.1» 1422هـ : «تم تقليص المناهج الدينية في المدارس والجامعات وجعل الشؤون الدينية شأناً من شؤون الدولة..» ويقول «وأحس الناس بأن المناصب الدينية قد غدت مصدراً للاسترزاق وتزلّف السلطة فنشأت فجوة بين العامة ورجال الدين، وفي كثير من الدول يتم تجاهل العلماء الأجلاء الجديرين بتولي الفتوى والقضاء والوعظ لمجرد الشكوك في أنهم قد يعارضون بالرأي..» انتهى، ونحن والحمد لله في بلادنا لا نعاني ما تعانيه بعض الدول التي تم فيها عزل الدين عن المجتمع... ففي كثير من المجتمعات الإسلامية تم تعطيل عدد من الحدود الشرعية واستبدالها بقوانين وضعية مستوحاة من القوانين الغربية، وأبيحت بعض المحرمات، ومنعت بعض المباحات مثل تعدد الزوجات قانونياً في بعض الدول، تحت شعار التقدم والحرية وتحقيق المساواة.. والغزو الإعلامي، حيث استغلت بعض وسائل الإعلام الصهيونية لجوء بعض المسلمين إلى العنف كرد فعل لما يرونه من تحولات حولهم فتقوم هذه الوسائل الإعلامية بوصم المسلمين جميعهم بالإرهاب، ولقد نجح الغزو الفكري الغربي في جعل الإسلام والإرهاب وجهين لعملة واحدة في نظر معظم شعوب العالم التي تستقي معلوماتها من الغرب. ولأؤكد ذلك فإن بعض المدارس السياسية الغربية لا ترى عدواً لحضارتها سوى الصحوة الإسلامية العالمية.. وأصبحت وسائل ذلك الإعلام اللعين تشجع أنصاف الفقهاء على الجرأة على الفتوى وتسفيه آراء الأئمة بهدف إثارة الفوضى في مفهوم الإسلام أمام المسلمين في العالم وفي المجتمعات الغربية، وأصبح الدين يحارب باسمه الحرية الشخصية وخصوصاً لمن يتأسى بالمصطفى صلى الله عليه وسلم بإطلاق اللحى وارتداء الحجاب الشرعي كما يحدث اليوم في تركيا. ألا نلاحظ أن العادات الغربية في الملبس والمأكل والتعامل الاجتماعي تمكنت من فئات كثيرة في المجتمع العربي. ألا نلاحظ انتشار الحانات والاختلاط غير الشرعي، وترك واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في معظم المجتمعات العربية المعاصرة. وهجرت التقاليد العربية في ما يتعلّق بالشرف والأخلاق وأصبحت من مظاهر التحضر أصبحنا اليوم عندما نسير في العديد من الدول العربية لا نرى ما يميز عروبتها عن العواصم الأوروبية سوى قذارة الشوارع وتفشي الفوضى.. الجماهير تتسابق إلى أهدافها بأنانية مادية، لا يرحمون صغيراً، ولايوقرون كبيراً.. يلهثون وراء نعمة العيش وترف الحياة. وضعفت الروابط الأسرية إلى حد كبير. وأصبح المال هو الفيصل والذي يحدد قيمة المرء في مجتمعه وهي فكرة دخيلة على تقاليد وتراث العرب والمسلمين، فالإنسان يقدَّر لتقواه وشجاعته وكرمه وشهامته، ثم تأتي بعد ذلك الاعتبارات المالية. لذا نشهد ضعفاً واضحاً في احترام حقوق الجار ورعاية الأقرباء وذوي الأرحام، وتفشت نزعة الغرب المادية في التعاملات التجارية المبنية على الربح ولو كان استغلالاً للآخرين واهتزت الروح العربية الإسلامية خاصة بعد هزيمة 1967م، حيث نشأت روح جديدة تطالب بالعودة إلى القيم الإسلامية واتخذ بعضها العنف كردة فعل لما حدث.

ص.ب 90155 رمز 11633 الرياض

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved