إصدار بطاقة هوية للمرأة هو من ابجديات المجتمع المدني وغيابها مدعاة لسلبيات عديدة (عبّر عنها خير تعبير سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية) لذلك قامت وزارة الداخلية مشكورة بالبدء في إصدار البطاقة ضمن مئات القرارات والاجراءات التي نجحت تلك الوزارة في اتخاذها لتطوير الاداء بصورة لافتة في قطاعاتها المختلفة ولتسريع التنمية الاجتماعية في البلاد،
علما بأن دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء المملكة ألغت الجوازات للتنقل فيما بينها واكتفت ببطاقة الهوية مما يسهل من الانتقال فيما بينها بحيث تصبح مستقبلاً كأنها دولة واحدة ويبدو من أسباب تردد المملكة في مجاراة دول المجلس في تلك الخطوة الوحدوية عدم وجود بطاقات هوية للنساء في المملكة،
وقد تأخر اصدار بطاقة الهوية للمرأة (رغم ايجابياتها العديدة التي تناولتها الصحافة المحلية مؤخراً بكثافة بعد صمت طويل!! ورغم ان كثيراً من النساء يحملن جوازات او بطاقات جامعية عليها صورهن)،
وكان من اسباب تعثر إصدارها الرفض غير المنطقي من قبل اصوات تخشى التغيير رغم انه ما ان يتم التغيير ويصبح حقيقة فان كثيراً من المعارضين يكونون أول من يتعايش مع التغيير الذي يلبي احتياجاتهم الواقعية ويتناسون معارضتهم التي لم تكن مستندة على نظرة واقعية،
والمثال الشهير على تلك الحالة الاجتماعية هو معارضة فئات عديدة لتعليم الفتاة ومن ثم اصبحوا اول المطالبين بإلحاق بناتهم بالمدارس والمطالبة بإنشاء المدارس في كل قرية وهجرة،
وببساطة فان أي جدل نظري حول احداث تغيير في المجتمع هو في الغالب محسوم لصالح المعارضين فلو تم سؤال المجتمع عن رأيه في السماح بالانترنت لكان المعارضون أكثر من المؤيدين وكذلك الحال للقنوات الفضائية أو حتى السماح للمرأة بالعمل في المستشفيات، ، إلخ، ،
ولكن حين تم التطبيق العملي لتلك الامور فقد شهدت اقبالا كبيراً، اذ تشير مثلا احدى الدراسات الى ان مشاهدي القنوات الفضائية أكثر من مشاهدي التلفزيون السعودي، كما يوجد آلاف من النساء على قوائم انتظار العمل في المستشفيات، اما من لا يتعامل مع الانترنت فيوصف بالأمي، ،
تلك أمثلة لحالات عديدة حدثت منذ البدء في تعليم الفتاة وحتى اصدار بطاقة هوية للمرأة وهي تؤكد ان المعارضة على الصعيد النظري تقل كثيراً حين يتم التطبيق العملي ويكتشف المعارضون أن الكثير من المحاذير التي كانوا يتخوّفون منها قد تم تضخيمها خوفا من المجهول!!
وهكذا فإن المجتمع يعارض على الصعيد النظري أي تغيير يتعلق بالمرأة مهما كان بسيطا وحتى لو كانت ايجابياته اكثر من سلبياته، بينما لا يعارض على الصعيد العملي تلك التغييرات التي اشرنا الى بعضها ويمكن اضافة امثلة اخرى ومنها السماح بالسائق الاجنبي أو ركوب المرأة الليموزين واستقدام الخادمة، ، الخ، ، رغم وجود العديد من المحاذير والسلبيات وسبب ذلك هو ان تلك الخطوات لم تسبق بجدل بيزنطي حول سلبياتها وايجابياتها ولكنها طبقت بالتدريج فكان لكل اسرة خيارها المستقل وفقا لظروفها ولم يعد هناك مجالات للمعارضة من فئات هي أبعد ما تكون عن الواقع بمتغيِّراته وتطوراته المتسارعة،
ولقد حان الوقت ان نتعلّم من تجاربنا ان تنمية المجتمع لا يمكن ان تتم بصورة صحيحة دون تفعيل حقيقي لدور المرأة وذلك الدور يحتاج قرارات حاسمة بعيداً عن الجدل النظري البيزنطي، ومن يرفض تلك القرارات ليس ملزماً بتطبيقها كما ان ليس من حقه الزام الآخرين برفضها،
|