تعتبر السنوات الخمس الأولى من أخطر وأهم المراحل التي تشكل خلالها شخصية الفرد المستقبلية.. ويكون ذلك من خلال اكتسابه سلوكياته من محيطه الأول.. أسرته.
فهو في هذه السنة شديد القابلية للإيحاء.. سهل التأثر والتشكيل.. ضعيف لا إرادة له قليل الحيلة في حاجة دائمة لمن يعوله ويرعاه ويلبي حاجاته النفسية والعفوية.
وتأتي خطورة هذه المرحلة في الصغر أن ما يغرس خلالها من عادات واتجاهات وعواطف ومعتقدات يصعب استئصاله أو تغيره في عهد الكبر..
ولعل البعض منا أو أغلبنا يرتكب خطأً فادحاً بغرس بذور السلوكيات الخاطئة بما يرتكبه من أغلاط أمامهم ظناً منه أنهم أطفال سوف يمكنون من نسيان ذلك بسهولة.. فهم.. أطفال.
قد لا ندرك أننا بذلك نغرس ونرعى وننمي ما ننهى عنه بعد ذلك وربما نعرضهم للعقاب من أجل تركه.
* الهاتف: رررررن
الطفل: نعم.... المتكلم: أين بابا؟
الطفل: هنا... بحركة سريعة: قُل له بابا غير موجود؟!
الأب على الهاتف: أين ماما؟
الطفل: بقربي... الأم: قل له ماما مشغولة؟!
* الأم: لا تقل لبابا إننا ذهبنا للسوق قبل أن نذهب لبيت جدتك... وسأشتري لك لعبة!!
* الأم: إنني أكره فلانة.. ثوان وفلانة تهاتفها... الأم بكل سرور: أهلاً اشتقت لك أين أنت يا صديقتي العزيزة؟!
* الأخ: لا تقل لماما وبابا إنني ذهبت مع أصحاب.. وسأعطيك حلوى؟!
* الأخت: لا تقل لماما إنني تأخرت حينما كلمت صديقتي.. وسأعطيك لعبة؟!
لا تقل.. لا تخبر... لا تشي.. لا تقل الصدق.. وسنكافئك على كذبك!!
للأسف هذا ما نفعله مع صغارنا...
ممارسات يومية نزاولها بشكل مستمر ومتكرر... تجعل الطفل يتخذ من الكذب وسيلة دفاعية خشية العقاب ممن هم أكبر منه سناً.
فتصبح تلك الخصلة السيئة المكروهة إحدى سمات شخصيته في الصغر وتلازمه للكبر.
ندفعهم لأن يكونوا كاذبين بما نغرسه في نفوسهم عبر مواقف بسيطة لا ندرك كبر حجمها ومدى تأثيرها عليهم..
وعندما يكذبون.. الويل لهم!!
الطفل أرض خصبة نحصد ما زرعناه فيها.. فمتى كانت البذور صالحة وجيدة كان النتاج ثمراً طيباً ريانا..
ومتى كانت البذور فاسدة ورديئة كان النتاج مريضاً هزيلاً يستعصي علينا علاجه..
فلنزرع.. ونسقي ونرعى.. ونهتم ببذرنا الذي نبذره في واحاتنا الصغيرة الخصبة بشكل صحيح وسليم.. فما نزرعه اليوم نحصده غداً.
هيفاء الشلهوب الجزيرة
|