Saturday 2nd February,200210719العددالسبت 19 ,ذو القعدة 1422

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الغربال
أ. د عبدالله بن محمد أبو داهش

لقد عظم شأن الكثير من مجالس العلماء التي كان يحضرها الناس للدرس، والإفادة العلمية، بما قد يفوق الخيال، يقول عمر بن حفص:«وجه المعتصم من يحرز مجلس عاصم بن علي بن عاصم في رحبة النخل التي في جامع الرصافة، قال: وكان عاصم بن علي يجلس على سطح المسقطات، وينتشر الناس في الرحبة، وما يليها فيعظم الجمع جداً حتى سمعته يوماً يقول: ثنا الليث ابن سعد ويُستعاد، فأعاد أربع عشرة مرة، والناس لا يسمعون، قال: فكان هارون المستملي يركب نخلة معوجَّة، ويستملى عليها، فبلغ المعتصم كثرة الجمع فأمر بحرزهم فوجَّه قطَّاعي الغنم، فحرزوا المجلس عشرين ألفاً ومائة ألف»«1».
ولم يكن الخلفاء في تاريخنا الإسلامي يجهلون مكانة العلماء ولا يغمطونها حقها، بل كانوا يتمنون منازل العلماء، ويحبون مجالسهم، قال محمد بن سلام الجمحي:«قيل للمنصور هل بقي من لذات الدنيا شيء لم تنله، قال: بقيت خصلة: أن أقعد في مصطبة، وحولي أصحاب الحديث، فيقول المستملي: من ذكرت رحمك الله؟ قال: فغدا عليه الندماء، وأبناء الوزراء بالمحابر والدفاتر، فقال: لستم بهم، إنما هم: الدَّنسة ثيابهم، المتشققة أرجلهم، الطويلة شعورهم، بُرُدُ الآفاق، ونقلة الحديث»«2»، وقال الرشيد في شأن العلماء:«نحن نموت ونفنى، والعلماء باقون ما بقي الدهر»«3».
ولقد قيل إنه:«لما قدم هارون الرقة، أَشرفت أم ولد لهارون من قصر من خشب، فرأت الغبرة قد ارتفعت والمقال انتقطع وانجفل الناس، فقالت: ما هذا؟ قالوا: عالم من خرسان، يقال له: عبدالله بن المبارك، فقالت: هذا والله الملك، لا ملك هارون الذي لا يحمده الناس إلاَّ بالسوط والخشب»«4».
الحواشي:
«1» السمعاني، «كتاب أدب الإملاء والاستملاء» 1/156.
«2» المصدر نفسه 1/162،163.
«3» المصدر نفسه 1/167.
«4» المصدر نفسه 1/163.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الرئيسية]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىmis@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved