منذ ان شكل الارهابي قاتل الأطفال والنساء «إرييل شارون» حكومة مجرمي الحرب المتطرفة في الكيان الصهيوني منذ ما يقارب العام ازدادت عمليات الاغتيالات السياسية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني المجاهد في شتى مواقعهم حيث سقط منذ انطلاقة انتفاضة الأقصى الحالية أكثر من 76 مناضلا اغتيلوا بمباركة وبقرار رسمي حكومي اسرائيلي مع سبق الاصرار والترصد، والتي كان آخرها اغتيال أربعة من قادة حماس بطريقة بشعة عند اجتياح القوات الاسرائيلية مدينة نابلس، حيث تم التنكيل والتمثيل بجثث الشهداء..!
عمليات الاغتيال هذه والتي طالت كوادر ونشطاء الانتفاضة من حركات فتح وحماس والجهادوالجبهة الشعبية وجميع فصائل المقاومة، والتي لم تميز بين قائد سياسي وآخر مقاوم، وبين صحفي يكشف جرائم الاحتلال وآخر يعمل في اللجان الشعبية لمساعدة أبناء شعبه، لا يمكن لها ان تتم دون تجنيد عشرات العملاء الخونة الذين استباحوا المحرمات الفلسطينية وباعوا أنفسهم للشيطان، وشكلوا الطابور الخامس الذي أحدث ثغرة واسعة في جدار الصمود الذي شكلته انتفاضة الأقصى. ففي الوقت الذي برز فيه أبطال استشهاديون ضحوا بأرواحهم في الدفاع عن أرضهم وعرضهم وشعبهم، ومن أجل حرية واستقلال فلسطين أودت عمالتهم وخياناتهم بأقرب الناس اليهم، وبالعشرات من قادة الانتفاضة.!!
فالتكنولوجيا العسكرية وحدها مهما بلغت من تطور، إلا أنها لا يمكنها النجاح وحدها في تنفيذ عمليات الاغتيال دون مساعدة مباشرة من العملاء الذين ينقلون المعلومات للعدو الذي يستفيد منها في تنفيذ جرائمه..!!
فالعميل هو من يحدد المكتب الذي يجلس فيه المسؤول، شاهدنا ذلك في اغتيال أبوعلي مصطفى الأمين العام للجبهة الشعبية في مدينة رام الله في العام الماضي، أو السيارة التي يركبها.. حيث سقط العشرات في هذه الحالة بدءاً من حسين عبيات قائد كتائب الأقصى في بيت لحم الذي أغتيل في بداية انتفاضة الأقصى، الى بكر حمدان أحد قادة كتائب القسام الذي اغتيل في مدينة خان يونس قبل أيام، ودون ان يرصد تحركاته وساعة خروجه من المنزل، والوقت الذي يعقد فيه اجتماعا في مكتبه.. هذه المعلومات ضرورية لانجاح عملية الاغتيال، والعملاء الذين يقومون بتمريرها لمنسق العملية أصبحوا جزءا من وسائل الاغتيال إن لم يكونوا الجزء الرئيسي مثل الصاروخ الذي تحمله طائرات «ال إف 16 والأباتشي» الأمريكية الصنع، والمتفجرات والطلقة المزروعة داخل خزان بندقية القناص الاسرائيلي..!!
لا يمكن لكافة عمليات الاغتيال التي تمت والتي سقط من جرائها أكثر من سبعين قائداً وكادراً من قادة انتفاضة الأقصى الحالية، أو التي في طريقها للتنفيذ في الأيام القادمة حيث تعهدت الحكومة الاسرائيلية مؤخرا بالاستمرار في عمليات الاغتيال ان تنجح بمثل هذا النجاح في غياب العملاء، وكافة المؤشرات توضح ان عمليات الاغتيال آخذة بالتصاعد وتزداد أعدادها وخاصة في هذه الأيام التي تحاصر الجيش الاسرائيلي الرئيس ياسر عرفات في مقر اقامته في رام الله منذ شهرين، وتهديد الحكومة الاسرائيلية بشن حرب شاملة للقضاء على السلطة الفلسطينية وانهاء وتصفية الوجود الفلسطيني على أرض فلسطين في حملة جديدة لتهجير وطرد الشعب الفلسطيني كما حدث في حربي 1948 و1967م، وهذا يعني ان هناك تزايداً في عدد العملاء الذين نشطوا في الآونة الأخيرة، ولعل المال الذي يتقاضونه لقاء خيانتهم يزداد رقمه كلما ازدادت قيمة الرأس الذي سيتعرض للرصاص..!
إن رقعة ومساحة الدم الذي يخلفه الاغتيال باتت تتسع، وتكبر، وستأخذ حجما أكبر حتى أخالها تكاد تفتك بالتراب الفلسطيني، لأن العميل والخائن الذي يرضى أن يقوم بتسليم رقاب مسؤوليه وأبناء وطنه للسكين الاسرائيلي سيرضى ويقبل ان يقوم بتسليم التراب الفلسطيني لبساطير الجيش الاسرائيلي لتدوسه كما تشاء وكما تشتهي.
لا يكفي أبداً للشعب الفلسطيني ان يثأر لكل شهيد اغتالته اسرائيل حين يقوم بالرد بواسطة القنابل البشرية الاستشهادية، بل عليه ان يقوم بترتيب البيت الفلسطيني من الداخل، وفتح جبهة أخرى ليحصد خلالها مجموعات العملاء الذي ما يزال التساهل والتغاضي هو سمة التعامل معهم من قبل أجهزة السلطة الفلسطينية، والذين يمهدون ويساعدون في عمليات الاغتيال التي باتت عملا يوميا، وبرنامجا يحمل الرقم واحد على ورقة أعمال الحكومة الاسرائيلية..! إن مجرمي الحرب الاسرائيليين شارون وبن اليعازر وموفاز على قناعة بأن عمليات الاغتيال لن تعمل على وقف الانتفاضة التي وعدهم شارون ان يوقفها في غضون مائة يوم، ومع هذا نراه يوغل في الاغتيال.. وهذا ما يفسر حالتين لدى شارون:
الأولى: عدم تمكنه من الوفاء بالوعد الذي قطعه على نفسه..!
والثانية: أنه بات يثأر من الانتفاضة التي لم يتمكن منها كما وعد..! مما حدا به بعد ان فشل في «خطة المائة يوم» أن يضع خطة «أبواب جهنم» والتي لم تنل من صمود أطفال وشباب ونساء وشيوخ الانتفاضة، واتبعها بخطة «المتدحرجة» التي يمارسها هذه الأيام في جميع مدن وقرى ومخيمات فلسطين.
إن سياسة الاغتيالات التي تقوم بها حكومة العدو الاسرائيلي هي سياسة قديمة جديدة يلجأ اليها لإرهاق المقاومة وضرب قياداتها من جانب، ورفع لمعنويات جنوده ومستوطنيه التي انهارت بفعل صمود الشعب في فلسطين، من هنا نطالب السلطة الفلسطينية بفتح ملف العملاء والخونة الذين يعيثون فسادا داخل فلسطين المحتلة بصورة جدية، وبضرورة الضرب بيد من حديد ضد العملاء والخونة، وملاحقتهم واعتقالهم وتقديمهم للمحاكمة، وردعهم حتى يستطيع الشعب الفلسطيني أن يواجه العدو الاسرائيلي وجبهته الداخلية متماسكة بوحدة وطنية يحاول هذا العدو اختراقها بواسطة العملاء.
* نائب المدير الإقليمي للاتحاد العالمي للإعلام واستطلاعات الرأي لندن
|