نقول نحن العرب، قولاً مأثوراً، نعمل به ونتقبل تبعاته، وأقوال العرب المأثورة ذهبت امثالاً تنير للعرب مسالك الفكر الانساني والسلوكي.
والعرب تقول «صَديقك من صَدَقَك» ولا شك بأن الأمريكيين عاشوا بيننا أكثر من ستة عقود، وأن جيوشاً من الخبراء والمفكرين والدبلوماسيين ورجال الأعمال والاقتصاد والعسكريين وحتى رجال المخابرات زاروا البلدان العربية، وبعض مما ذكرنا من كل هؤلاء استوطن في أكثر من قطر عربي، ويعرفون أن أصدقاء بلادهم الحقيقيين من العرب كانوا قلة، وأنهم ومنذ اليوم الأول لتلك الصداقة التي كانت واضحة أنها حققت فوائد للطرفين.
لابد وأن الأمريكيين كما السعوديين وهنا نحصر حديثنا بالعلاقة بين أمريكا والسعودية، لأننا نتحدث عن خصوصية هذه العلاقة التي يريد البعض النيل منها لمصلحة جهة ثالثة وبالتحديد اليهود الذين لا يهمهم أن تبقى أمريكا صديقة دائمة لهم، أو حليفة، فأمريكا بالنسبة لليهود مثلها مثل بريطانيا وما سبقها من امبراطوريات سابقة.. حليفة مرحلة تتخطاها عندما تنتهي الحاجة لها.
نعود للصداقة السعودية الأمريكية ونذكر بأنها بدأت وتركزت على الصراحة والصدق والمصلحة المشتركة.. ولابد أن يتذكر الأمريكيون وإن نسوا عليهم أن يعودوا إلى الوثائق والمذكرات والسجلات الرسمية التي وثقت هذه العلاقة ولابد أنهم سيقرؤون الرسائل المتبادلة بين الملك عبدالعزيز والرئيس الأمريكي روزفلت والتي كانت وبما تتسم به من الصدق والصراحة وبالذات التي وجهها الملك عبدالعزيز للرئيس الأمريكي محذراً من التورط بالعمل مع اليهود لاغتصاب أرض فلسطين وإقامة وطن لهم على حساب الفلسطينيين.
يومها ورغم السقوط الأمريكي في احضان الصهيونية والمساعدة على اقامة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، إلا أن الصراحة والصدق الذي حملته عبارات الملك عبدالعزيز في رسائله لم تثن الرئيس الأمريكي روزفلت ولا من أتى بعده في اعتبار الصدق السعودي موقفاً عدائياً، وقد نمت الصداقة السعودية الأمريكية كثيراً وقويت في العقود الستة، ومن خلال هذه الصداقة تحقق الكثير من المصالح للشعبين فمثل الذي لا يمكن أن ينكره الأمريكيون أنهم استفادوا من علاقتهم بالمملكة وتحققت لهم فوائد كثيرة بعد اكتشاف البترول في بلادنا، فإننا كسعوديين استفدنا كثيراً من هذه العلاقة حيث استثمرت موارد البترول استثماراً جيداً انعكس تنمية وتحديثاً لبلادنا، كما ان العرب والمسلمين استفادوا أيضاً من خصوصية العلاقة السعودية الأمريكية فكثير من المواقف الايجابية، أو لنقل كثير من المواقف الأمريكية كانت ستكون أكثر سوءاً لولا تدخل الدبلوماسية السعودية.
وإن ظلت السعودية على وفائها لهذه الصداقة التي تحقق فائدة مشتركة للبلدين، فإن قادة هذه البلاد لم ولن يتخلوا على ما تربوا عليه وآمنوا به، فالصدق والوضوح يجب أن يسود العلاقات بين الأصدقاء.. وما يقوله الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ويردده في كل مناسبة للأمريكيين هو امتداد لخلق سعودي بدأه الملك عبدالعزيز ويتواصل حتى الأمير عبدالله..
|