لقد كان وإلى آخر لحظة في حياته ملء السمع والبصر، اختاره ولي الأمر حفظه الله رئيساً لمجلس شوراه في عهده المطور الحالي.. فنهض بالمسئولية على خير ولمس منه الأعضاء وكنت واحداً منهم في الدورة الأولى روح الأخ الكبير أو الوالد بسعة الصدر وكريم التعامل والحرص على الانجاز واحترام الوقت.. وسعدت بصحبته مع بعض الزملاء في زيارة رسمية إلى جمهورية مصر العربية وتعايشت معه عن قرب.. فوجدت لديه الثقافة الواسعة، ومعايشة مستجدات العصر مقرونة بوقار العلماء وحكمة الفقهاء.. وكنت قد عرفته من قبل حينما جاء منطقة عسير في مطلع شبابه بعد التخرج من كلية الشريعة منتدباً لحل بعض القضايا القبلية وكان التوفيق حليفه.. حيث تدرّج في عدد من المسئوليات والوظائف القيادية الكبرى رئيسا لديوان المظالم ووزيراً للعدل وأخيراً لقيادة مجلس الشورى في دورات ثلاث ما كان يثنيه عن أداء الواجب اعتلاله الصحي ولا مرض القلب الذي صار يلازمه في المراحل الأخيرة من حياته.
وإلى جانب نجاحه في ادارة المجلس ولجانه وعضويته في هيئة كبار العلماء فقد كان موفقاً في زياراته الى عدد من الدول العربية والإسلامية والأجنبية وكان له حضوره الفاعل في التواصل مع مجالس الشورى والبرلمانات الخارجية وابراز التجربة السعودية في أحسن وجه. ان خسارة الرجل ليست على أهله ومحبيه وعارفي فضله.. ولكنها وطنية بالدرجة الأولى.. جبر الله مصيبة الجميع فيه.. وعوّض الأمة عنه خيراً.. وجزاه الله بالجنة والمغفرة وحسن المنقلب.. ولا نقول إلا ما يرضي رب العالمين (إنا لله وإنا إليه راجعون).
محمد بن عبدالله الحميّد |