* نمضي مع الكاتب الكبير ميخائيل نعيمة، في وقفاتنا مع كتابه: في مهب الريح.. وهو يحلل أحوال العالم من حوله، ويضرب الأمثال، في الصراعات التي تدور على الأرض، فيقول: وأعطيكم مثالا، هذه السيول الجارفة من الدعاوة للسلم والحرب في آن معا، فمن على منبر تلك المؤسسة الضخمة المفككة الأوصال التي لقبوها تهكما ب «الأمم المتحدة» .. من فوق ذلك المنبر وحده تنهلّ شلالات، ولا شلالات نياغرا ، مع الخطب الرنانة.. وكلها يمجد السلم، ويدعو أمم الأرض إلى التمسك به».
* يخوض الكاتب في دعاوى السلم، الذي يتغنى به رؤساء الدول والصحافة ووسائل الإعلام المختلفة، حتى يحس إنسان الأرض أن الدنيا تنعم بحياة الخير والرفاه والسعادة، ما دام إنسانها، كبيرها قبل غيره، يردد هذه النغمة العذبة.. ومن منا لا يريد السلام، سوى دويلة، كانت مستضعفة، فأضحت قوية، لأن الغرب كله معها ويؤيدها، دولة إسرائيل وشارونها مجرم الحرب والمجازر لا تريد السلام، وإنما تعمل للحرب، وتصف أصحاب الحق الفلسطينيين أنهم إرهابيون .. ألا إن دولة إسرائيل وحكامها هم الإرهابيون.!
* يقول الكاتب: «إلا أنكم ما تكادون تنتشون بأنغام السلم تعزفها لكم تلك الجوقة ليل نهار، حتى تنقلب نشوتكم قشعريرة، إذ تسمعون تلك الجوقة بعينها تعزف لكم ألحان الحرب، وبمثل الحماسة التي تعزف بها أنغام السلم بل أشد.. فساسة العالم الذين ملؤوا العالم تسبيحا للسلم، هم هم الذين ملؤوه تجديفا عليه.
فقد هبوا في كل مكان يحثون الناس بالوعد والوعيد على الاستعداد للحرب».
* ويحلق الكاتب المجيد بعقله ومطالعاته فيما حوله، ما يسمع وما يرى من تناقض بين القول والعمل، للذين يبشرون بالسلم، وفي الوقت عينه هم يعملون للحرب ثم يقولون في صفاقة كما يعبر الكاتب : أجابوكم انهم لا يروجون للحرب حبا بالحرب، بل حفاظا على السلم.!
* إنهم كما يقول الكاتب يسوقون الناس سوق الأنعام، ليدربوهم على فنون التقتيل والتدمير، ويطردون الراحة والهناءة والأمل من قلوبهم وأفكارهم ومساكنهم.. باذرين مكانها الخوف والشك والقلق، ويبنون الأساطيل البحرية والجوية ويكدسون القزائف الجهنمية، لا لينتهكوا بها حرمة السلم، بل ليقيموا بها سدا منيعا بين الحرب والسلم .
* ذلكم هو منطق القوة، يدعو إلى الخير ويسارع إلى الشر، لأن القوة العاتية الباغية، لا يشغلها السلام بقدر ما تشغلها الحرب، كأنها خلقت لتدمير الدنيا، لأن القوة طغيان، أشد وأمضى من طغيان الغنى.
قال تعالى: «كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى» .. إن السلام حلم الشعوب كلها، قويها وضعيفها، لأن السلم عمار للكون، والحرب تدمير له، لذلك قالت الملائكة لخالقها: «أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء».
«الكلام موصول»
|